تبذل السعودية مساعيَ حثيثة للتصدي لأزمة الأمن الغذائي من خلال عدد من الخطط والمبادرات، حيث تأتي مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أكثرها أهمية، إذ تمخض عنها تأسيس لجنة تتولى ملف الاستثمار الزراعي الخارجي، المعني بإيجاد مخزون استراتيجي للسلع الأساسية للوصول للأمن الغذائي. وتخطي الأزمات المستقبلية لمشكلة نقص الغذاء وكذلك لضمان استقرار أسعار السلع الغذائية. وكعادتها، تجلت بيروقراطية الحكومة في أبهى صورها في ملف الاستثمار الزراعي الخارجي، الذي يشكل أهمية بالغة للوطن وأبنائه، من حيث توفير الأمن الغذائي، حيث تاه الملف وهو يتنقل بين مكاتب وزارتي التجارة والصناعة, والزراعة تحديدا، حيث تخلت عنه الوزارة الأولى، وهي من تتولى رئاسة اللجنة الوزارية المشكلة للاستثمار الزراعي، المكونة من وزارات التجارة، والزراعة، والمالية، والخارجية، حيث من أولى المهام التي قام بها وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة فور توليه حقيبة الوزارة التخلص من هذا الملف لعدم الاختصاص، وتم نقله إلى وزارة الزراعة، فيما ترى وزارة الزراعة أن هذا الملف يشغل أربع وزارات حيوية، وعليه لا بد من توحيد الجهود من خلال نقله إلى الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والثروة الحيوانية لتولي الملف، وأعلنت الوزارة على لسان وزيرها الدكتور فهد بالغنيم أن هنالك مشاورات لنقل الملف إلى الشركة. بالأمس أكد رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس عبدالله الربيعان أن ملف الاستثمار الزراعي لن يحال إلى الشركة، وأن الجهات الحكومية هي معنية بهذا الملف، كون الأمر يتطلب بعض الإجراءات التي تتعلق بالجهات الحكومية، إلى جانب أن الشركة هي أداة استثمارية، ويقتصر دورها على هذا الجانب. من الواضح أن الشركة محقة فيما ذكرته، حيث تمثل الذراع الاستثمارية للحكومة السعودية فيما يتعلق بالاستثمار الزراعي الخارجي، ونقل الملف إليها في حال تم ذلك فإنه سيزيد من الأعباء على الشركة الوليدة، كما أن تنقل الملف بين الوزارات كشف عدم الرغبة في توليه، كما يكشف عن سوء التنسيق بين هذه الجهات، وعدم وجود اتفاقيات بينهما حول هذا الأمر. الحقيقة المزعجة أن وزارتي التجارة والزراعة تتنصلان بوضوح من هذا الملف، حيث تبرز الحاجة إلى إنشاء مجلس مختص بالاستثمار الزراعي الخارجي، مكون من عدة جهات حكومية يبحث معوقات الاستثمار الزراعي الخارجي، وسبل تطويره، كما يكون المجلس معنيا بتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين للأمن الغذائي، في ظل البيروقراطية الحكومية، التي بدأت في تمزيق الملف.