تبذل مؤسسة الملك خالد الخيرية جهودا متميزة في العديد من المجالات الوطنية عبر رؤى استشرافية لقيادات المؤسسة والعاملين فيها، نحو العمل الاجتماعي بشكل خاص. ولذا، فقد حققت المؤسسة نجاحا في تحقيق حضور مؤثر على المستوى الاجتماعي والوطني. «حوارات تنموية» أحد برامج المؤسسة المؤثرة، التي تركز على التنمية الاجتماعية، باعتبار ذلك الاهتمام الرئيس الذي تقوم عليه مؤسسة الملك خالد الخيرية، عبر أنشطتها، وفعالياتها وجوائزها الكبرى. الحوار الأول من هذه الحوارات التي بدأت قبل عامين تناول موضوع «كيف يمكن للمنظمات غير الربحية أن تلعب دوراً فعّالاً في مجال التنمية الاجتماعية في المملكة؟، وطرح الحوار الثاني سؤالا رئيسا تمثل في «أين القطاع غير الربحي في خطة التنمية التاسعة للمملكة»؟ أما الحوار الثالث في سلسلة هذه الحوارات التنموية، وهو بيت القصيد في هذه المقالة، فقد تم تخصيصه للشباب، باعتبارهم الفئة الأكبر نسبة في المجتمع، وفي ذات الوقت الفئة التي يتم غالبا التفكير والتخطيط لها وعمل البرامج والتنفيذ، دون أن تكون فاعلة ومشاركة في وضع الرؤى المستقبلية، وتحديد أولوياتها واحتياجاتها. وقد حمل الحوار عنوان «الشباب والتنمية: قضايا وطموحات» مؤسسة الملك خالد الخيرية لديها قناعة يتفق الكثيرون معها، وتتمثل في أن الشباب يحتاجون إلى أن يمنحوا فرصا أكبر، ليس للتعبير عن آرائهم ومنحهم فرصا للتنفيذ فحسب، وإنما للعب دور قيادي في الهيئات والمؤسسات الحكومية بشكل خاص، لضمان أن يكون التخطيط والتطوير يحمل رؤاهم ذات المستوى الأكثر تطلعا للتغيير الإيجابي. مع قناعة الجميع بحاجتهم إلى حكمة الشيوخ لترشيد بعض الأفكار، لا للحد منها أو إعاقتها. ولتنفيذ هذا البرنامج، اختارت المؤسسة ثلاثمائة من شباب الجنسين من خمس مدن رئيسة تمثل مناطق جغرافية مختلفة عبر الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط. انطلقت الحوارات من مدن الرياضوجدة والدمام وحائل وأبها، وركزت بشكل أساسي على رؤاهم في الواقع، و طموحاتهم للمستقبل، ورؤيتهم الاستشرافية للوطن. دخل الجميع في عصف ذهني وحوار عقلاني، كشف مستوى النضج الذي يتمتع به أبناء الوطن من شبابه، وما يملكونه من رؤى واقعية لمستقبل أفضل للوطن. تم تتويج هذه اللقاءات بلقاء داخل مؤسسة الملك خالد، وبحضور قيادات حددها الشباب أنفسهم، تواصلت معهم المؤسسة لتجسير الهوة بين صناع القرار، وبين الشباب الذين لا تتاح لهم غالبا فرص حوار كثيرة بهذا المستوى. وحيث أتيحت لي فرصة حضور هذا اللقاء، فقد أبهجني تفاعل أصحاب السمو والمعالي، وزير التربية والتعليم، ووزير العمل، ومعالي الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني مع أطروحات الشباب، مثمنين حماستهم ومطالبتهم المتكررة بضرورة إشراكهم في صناعة القرارات التي تتصل بهم، وبالتالي تخص الوطن، لأنهم عماده وروحه، ومستقبله. لم يعمد الشباب والشابات إلى الشكوى واللوم والتنظير، بل أنتجوا عبر حواراتهم المتعددة، التي سبقت اللقاء الأخير ثلاث مبادرات أساسية، قدموها بأسلوب علمي راق ومتميز لأصحاب القرار. وعكس أسلوب الطرح ما يتسم به شباب الوطن من وعي كبير. وستقف المقالة القادمة إن شاء الله عند هذه المبادرات.