يشهد معرض الكتاب في بوتان انفتاح هذه المملكة الواقعة في جبال هملايا على العالم والحداثة، لكن الحرس القديم يخشى أن تهيمن اللغة الإنكليزية على الحياة الثقافية في البلاد، وأن تزول لغتهم الوطنية شيئاً فشيئاً. وأقيمت خلال الأسبوع الدورة الثانية من مهرجان “ماونتن إيكوز” في تيمفو، وهي عاصمة دولة بوتان التي تقع بين الصين والهند، وتضم 700 ألف نسمة. لكن المهرجان لم يستقطب الكثير من الحشود، فقد كان 300 شخص تقريباً يأتون كل يوم للاستماع إلى محاضرات الكتاب من بين المتحدثين السبعين المدعوين، وكانت الهند الدولة الأكثر تمثيلاً. أما الكتاب المتحدرون من بوتان فكانوا أقلية. ففي بوتان، يعتبر الأدب من زمن طويل حكراً على الرهبان البوذيين الذين يكتبون “النصوص المقدسة” بلغة دزونكا الشبيهة باللغة التيبتية الكلاسيكية. وتعد بوتان أيضاً غنية بالقصص الشعبية، لكن هذه القصص تنتقل عادة من جيل إلى آخر شفهياً. ويقول كارما بونتشو، وهو جامعي من بوتان، وعضو في جامعة كامبريدج (إنكلترا): “بقي الأدب لدينا محصوراً لفترة طويلة في القلاع الرهبانية”، التي تبنى على أطراف الجبال، وتعيش فيها السلطات الدينية. وبوتان الملقبة ب”أرض تنين الرعد”، والمعروفة بمؤشر “إجمالي السعادة المحلية”، الذي يجمع التنمية الاقتصادية والرفاه والقومية الثقافية، لم تكن لديها لا طرقات ولا عملة حتى الستينيات، وحظرت التلفزيون حتى العام 1999، بهدف الحد من التأثيرات الخارجية. ولكن بدءاً من الستينيات، أصبحت الإنجليزية اللغة المعتمدة في المدارس، وفي أوساط ممثلي الساحة الأدبية المحلية. وتشرح كارما سينغي دورجي، وهي كاتبة شعبية حقق كتابها “دريمينغ أوف بريير فلاغز” نجاحاً في الخارج سنة 2009، “نحن نفضل الإنجليزية للتعبير عن أنفسنا، ومن خلالها نستطيع أن ننقل خبرتنا عن بوتان بشكل أفضل” إلى الآخرين. وتضيف “بفضل الإنجليزية، نستطيع أن نفتح للعالم نافذة على بوتان”. لكن الأديب العظيم كوينزانغ تينلي الذي ألف أكثر من ستين كتاباً بلغة دزونكا يخشى أن تقضي اللغة الإنجليزية المتصاعدة على لغته وهويته. ويقول “منذ انتشار الإنكليزية في النظام التعليمي، تراجع النشاط الأدبي بلغة دزونكا”. ومع أن أكثرية السكان تتكلم لغة دزونكا، إلا أن نسبة ضئيلة منهم تتقنها، وتجيد كتابتها بشكل صحيح، والمدارس لا تخصص لها سوى ساعة واحدة في اليوم وتقر ليلي وانغتشوك، وهي مديرة جمعية “بوتان ميديا فاونديشن” بأنه “من الصعب الحفاظ على لغتنا الخاصة”. وتشرح أن “معظمنا تابع تحصيله العلمي باللغة الإنجليزية. وأعتقد أن التلفزيون لعب دوراً أساسياً في سيطرة الإنجليزية اليوم، إلى درجة أن من لا يتكلم سوى دوزنكا يشعر أحياناً بعقدة النقص”. لكن كونزانغ شودن التي تنظم مجموعات قراءة للشبان، وتعتبر الأديبة الأشهر في بوتان تجد أن الأهم هو الترويج للأدب، بغض النظر عن اللغة. وتقول إن “ثقافة القراءة لا تزال ضعيفة، لأن أدبنا ديني في الدرجة الأولى. نريد أن نزرع حب القراءة”. أ ف ب | تيمفو