في اختبار مواد القانون في أمريكا يخصص بعض الأساتذة 80% من علامة الاختبار لمجرد تحديد العناصر الصحيحة المؤثرة في القضية define the issues. وفي أدبيات الطب يمثل التشخيص 80% من جهد الطبيب. والسبب واضح؛ فبعد التشخيص الصحيح يُصبح تحديد الدواء أمراً يسيراً، والعكس صحيح: يؤدي التشخيص الخاطئ إلى علاج خاطئ يزيد من تفاقم المرض. بتطبيق هذا المبدأ على سوق الأوراق المالية في المملكة أستطيع الجزم أن الوصفات التي اقترحت لعلاج بعض مشكلات السوق المُزمنة إما غير مفيدة أو مُضرة، لأنها نابعة من تشخيص غير صحيح. وعلى سبيل المثال فإن التشخيص الصحيح لمشكلة ارتفاع ما يسمى بعلاوة الإصدار وضعف فعالية بناء الأوامر كآلية للتسعير سيؤدي إلى اكتشاف أن سببهما اصطناع عوائق غير نظامية أمام آلية الإدراج. وبالتالي فإن العلاج الصحيح لهاتين المشكلتين هو تحرير سوق الإدراجات الأولية تماماً تنفيذاً لنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، وتركيز جهود الجهة التنظيمية على إزالة أية عوائق تعترض الإدراج بدلاً من إنشاء تلك العوائق. لقد تسببت هذه العوائق في أن أصبح مجرد الإدراج في (تداول) يمثل ميزة عالية جداً، تُضيف إلى سعر السهم ما لا يقل عن 50%، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز العشرة بالمائة في الأسواق المتطورة. واستمات بعض أصحاب الشركات لإدراجها بأي ثمن طمعاً في قطف ثمرة الإدراج، ولم تعد آلية بناء الأوامر فعالة في إيجاد السعر العادل للسهم نظراً إلى أن الشركات الاستثمارية ستقدم على شراء كميات كبيرة من أية أسهم مطروحة طالما أن بيع هذه الأسهم بسعر أعلى بعد الإدراج يُعد أمراً شبه مضمون بغض النظر عن أساسيات الشركة.