أحيانا، تكون جاهزا تماما لكتابة موضوع محدد، وفجأة تسحبك قوة مغناطيسية نحو أمر آخر تماما، كنت أريد تناول كتاب «سرد المدن في الرواية والسينما» لأستاذنا البازعي، كان الكتاب هنا، مددت يدي، فتساقطت على رأسي أغلفة لا أعرف عددها، لا أرتب كتبي عادة، أتذكرأماكنها مهما كان عددها، يمكن لي تذكر أماكن ما يزيد على خمسة آلاف كتاب، لم أجرب لكن لم يحدث حتى الآن ما يخيب ظني، فما بالك بكتب لا يتجاوز عددها مائة كتاب حملتها رفيقة سفر، لكنها تناثرت، وها أنا أرفعها مرة أخرى، لكني لا أقدر على الإمساك بكتاب دون فتحه، واستعادة قراءة بعض مما خططت عليه واضعا علامات ونجوما وملاحظات وأسهما لا يعرفها غيري، يا لها من متعة: من «اللون والحركة» لموسى الخميسي: «اللوحة الفنية تعلمنا النظر للأشياء، ونحن لا نستطيع أن نرى ما لم ننظر، وكلما ازددنا معرفة ازددنا رؤية، إذ علينا تعلم كيف ننظر للأشياء، وهذه إحدى المهمات الكبيرة للفن «، من «القارئ القياسي» لصالح زيّاد: «يقول ابن رشيق: ومن فضل الشعر أن الشاعر يخاطب الملك باسمه وينسبه إلى أمه، ويخاطبه بالكاف كما يخاطب أقل السوقة، فلا يُنكر ذلك عليه، والكاتب لا يفعل ذلك»!، من «فلسفة الفن والجمال «لحامد سرمك: «جوهر الفن هو التركيز على ما ينبغي أن يكون وعدم الاقتناع والاكتفاء بما هو كائن»، من «الدكتاتور فنانا» لرياض رمزي: «بهذا نصل إلى القانون الذي يحكم سلطة الطغاة: إنه قانون التمتع بممارسة السلطة، لا مجال للأحكام الأخلاقية عندما تدرس السلطة وفقا لهذا القانون، من « ضرورة الفن» لإرنست فيشر: «قصيدة لبريشت: من الذي بنى طيبة ذات الأبواب السبعة؟ / إن كتب التاريخ لتذكر لنا أسماء ملوك/ فهل كان الملوك هم الذين يحملون كتل الصخر؟»!، من «أسرار الموسيقى» لعلي الشوك: «الموسيقى حتى في منحاها الثوري، بوسعها أن تضلل الرقابة، وتعصم مؤلفها من أيما مساءلة، كان الكتاب في أيام بيتهوفن يغبطونه لأنه يستطيع أن يتملص من الرقابة، لكن سوء حظ لوركا أنه كان شاعرا»!، من «فلسفة الإيقاع في الشعر العربي» لعلوي الهاشمي: «إليزابيث درو: الإيقاع يعني التدفق أو الانسياب وهذا يعتمد على المعنى أكثر مما يعتمد على الوزن وعلى الإحساس أكثر من التفعيلات، كما يقول بوب: إن الجرس يجب أن يكون صدى للمعنى، ورأي إليوت: وراء أشد الشعر تحررا يجب أن يكمن وزن بسيط إذا غفونا برز نحونا متوعدا وإذا صحونا غفا»!، من «سرد المدن» لسعد البازعي، أوه!، وصلت إلى كتابي الذي أريد أن أحدثكم عنه، لكن فات الأوان اليوم!