أصبح العمل التطوعي مفردة عريقة في كثير من البلدان وجزءا من نسيج الحياة الاجتماعية، واستبدلت الهيئات هناك السؤال التقليدي: هل قمت بأعمال تطوعية؟ بسؤال: ماذا قمت به من أعمال تطوعية؟ على اعتبار أن القيام به أصبح حقيقة واقعة ومسلّمة، والسؤال عنه تحصيل حاصل، في الوقت الذي بدأت فيه ممارسة العمل التطوعي تتقدم في بلادنا سواء كانت بشكل منظم كالجمعيات الخيرية، أو في أعمال عفوية تلقائية كمشاركة الشباب في أثناء كارثة سيول جدة، وتنظيم السير عند تعطل إشارات المرور، ولكنها لم تأخذ شكل نظام الخدمة المجتمعية بعد، لأن هناك بعض بنود الأنظمة العتيقة التي تحول دون انسيابية العمل التطوعي، لذلك واجهت بعض العقوبات البديلة التي قام بها بعض القضاة ذوو الحس المجتمعي في بعض القضايا البسيطة صعوبات في تنفيذها بسبب فقدان لوائح وأنظمة تكفل تنفيذها، ولا تسهل للراغبين في القيام بها حرية الحركة والتصرف مع أن في مجتمعنا الخير وديننا وأعرافنا يجعلان من مساعدة الآخرين والتكافل الاجتماعي وإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج ضمن الشيم ومكارم الأخلاق. في أمريكا قام مجموعة من الطلاب المبتعثين السعوديين بإنشاء منظمة سعودية غير ربحية اسمها «سعوديون في أمريكا» لمساعدة الطلاب المبتعثين أو من هم على حسابهم الخاص بدءا من قبيل مغادرتهم السعودية ومرورا باستقباله وتوفير سكن مؤقت له عند وصوله، وتزويده بالإرشادات والنصائح وانتهاء بحل مشكلاته القانونية والأكاديمية، ومساعدته في الأبحاث والاستبانات وتبادل الخبرات والمعلومات عبر 350 مندوبا سعوديا متطوعا في معظم المدن الأمريكية، وبالتنسيق المباشر مع السفارة السعودية والملحقية الثقافية وبقية الهيئات الأمريكية، ويقف خلف هذه المنظمة مجموعة من الشباب منهم شاكر علي وسالمه خواجي وحافظ الزكري وإياد مكي وهالة الجشي وغاده الغنيم وغسان جمل، وجعلوا من «سعوديون في أمريكا» بيتا للطالب السعودي فيها مما يؤكد دائما على أن شبابنا قادرون وجاهزون للعمل التطوعي بكفاءة وقدرة عالية متى ماوفرنا لهم البيئة الملائمة والغطاء النظامي المناسب للقيام به، مثلما كان قيام مجموعة أخرى من مبتعثينا بالمشاركة في أحداث سيول ولاية تنيسي أكثر تأثيرا وفائدة هناك من حملات تحسين الصورة المعلبة والمكلفة التي نقوم بها.