نشاهد في السعودية 54 % من مجموع مشاهدات العالم العربي لليوتيوب، فهناك نحو تسعين مليون مشاهدة يومية في السعودية مقابل 167 مليون مشاهدة في العالم العربي الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا بعدد مشاهداته. وهذه النسبة لا تتناسب بطبيعة الحال مع عدد السكان مقارنة بالعالم العربي، حيث تبلغ نسبة السكان في السعودية 8 % من مجموع العالم العربي، أي أن 8 % من سكان العالم العربي يشاهدون 54 % من مجموع مشاهداتهم، فإذا اعتمدنا على أرقام مصلحة الإحصاءات العامة عام 2012 بتقدير عدد السعوديين 18 مليونا واستبعدنا منهم ستة ملايين من كبار السن والأطفال الذين لايشاهدون اليوتيوب وكذلك الذين ليست لديهم اشتراكات في الأنترنت أو لا تصل إليهم الخدمة ونحو خمسة ملايين من العمالة التي لا تهتم بشبكات التواصل الاجتماعي وهم الغالبية من العمالة الدنيا فإن هناك 16 مليونا في السعودية يقومون بتسعين مليون مشاهدة يوميا، ولو افترضنا أن كل مقطع في حدود ثلاث دقائق في المتوسط على اعتبار أن هناك مقاطع في دقيقة ومقاطع مدتها نصف وربع ساعة وكليبات أغاني في حدود خمس دقائق فإن عدد دقائق المشاهدة تبلغ 270 مليون دقيقة يوميا، أي أن الفرد في السعودية ينفق 17 دقيقة يوميا في مشاهدة اليوتيوب فقط دون التطرق للمقاطع خارج شبكة اليوتيوب وكذلك بقية شبكات التواصل الاجتماعي وبرامج المحادثة كالواتس اب وسكاي بي ولاين وغيرها. هناك الآن تغير كبير في مزاج المشاهدين الذين كانوا محكومين بالقنوات الرسمية وشبه الرسمية وتغير في اهتماماتهم ورغباتهم التي لم تعد حتى القنوات الخاصة بمختلف توجهاتها قادرة على جذبهم، وأصبحت هناك خلطة شاملة منتقاة من القنوات التلفزيونية وقنوات اليوتيوب وفعاليات الحياة اليومية كالمحاضرات والندوات والمؤتمرات ومشاهدات وتصوير الناس العاديين هي التي تجذب الجمهور وترضي اهتماماتهم ورغباتهم، وتشكل مع الوقت الرأي العام والذائقة الشعبية بمختلف أنواعها سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية ودينية، وكالعادة في كل الأمور لدينا تتشكل هذه التوجهات وتتلون الذائقة بصورة تلقائية وعفوية وربما عشوائية بعيدا عن انتباه المخططين والدارسين والمحللين ونكتشف كالعادة أيضا وبعد فوات الأوان أن أجهزة الدولة في واد والسيرورة الاجتماعية الشعبية في واد آخر ونستغرب وقتها لم تحدث الثورات العربية والهزات الاجتماعية بشكل مفاجئ لكل الدارسين والمخططين والقادة.