عاودت أزمة الإسمنت ظهورها مجددا في عسير، التي اشتكى أهلها من شح المنتج في مدينتهم، وبيعه في السوق السوداء بأسعار تتجاوز الأسعار الرسمية، في الوقت نفسه، وجدت دوريات أمنية في مراكز بيع الإسمنت، لضبط الأسعار، فيما سجلت وزارة التجارة، غياباً تاماً عن المشهد، بإغلاق فرعها تارة، ورفض مسؤوليها التصريح ل«الشرق» تارة أخرى. ورصدت «الشرق» ما يحدث في ساحة بيع الإسمنت في محافظة خميس مشيط، حيث كان في الساحة أربعة مسارات لطوابير السيارات، التي تجاوز طولها الكيلومتر، وتجمع المواطنون داخل الساحة في انتظار وصول شاحنات الإسمنت، التي أصبحت شحيحة، مقارنة بطلب المواطنين. ووجدت دوريات أمنية في الموقع، نجحت في إلقاء القبض على اثنين من العمالة العربية، كانا يتلاعبان في الكميات المصروفة لكل مواطن، والمحددة بعشرين كيسا للفرد، إذ ضبطا يبيعان ثلاثين كيسا، مقابل الحصول على «البقشيش»، وتم التحفظ عليهما. وكانت الساحة رغم الأعداد الهائلة للمواطنين، ليس بها سوى شاحنتين في ظل غياب مندوب فرع وزارة التجارة والمحافظة، وظل مقرها مغلقا أمام شكاوى المواطنين. وقال المواطن ظافر الأسمري «منذ يوم أمس، وأنا جالس في طابور السيارات، أقاوم قهر الانتظار، وأخشى عدم كفاية المعروض، حيث تنتهي الشاحنة من تفريغ حمولتها، ومن بيع المنتج كاملا للمواطنين، ورغم ذلك، الطابور لا يتحرك كثيرا». فيما أكد سعد الشهراني أن «العمل في عمارته متوقف منذ ثلاثة أيام، بسبب شح الإسمنت»، مشيراً إلى أنه يقوم بأعمال التشطيبات النهائية، التي تحتاج إلى توفر الإسمنت، وقال: «أنتظر دوري في الطابور منذ ثلاثة أيام». وتابع: «تم عرض بيع الإسمنت علي خارج ساحة البيع، ولكن بسعر ثلاثين ريالا للكيس، ولكنني رفضت». واعترض عدد كبير من المواطنين على سعر البيع في السوق السوداء، وهو 16 ريالا، بدل 14 ريالا، الذي أقرته وزارة التجارة أخيراً. وأضرب أصحاب الشاحنات عن البيع بالسعر الرسمي، معللين ذلك بوعورة التضاريس في منطقة عسير، وصعوبة تحميل المنتج من المصنع إلى ساحة البيع، وكثرة أعطال شاحناتهم. كما طالت الأزمة مدينة أبها، وعزز من ذلك زيادة الطلب الزائد على الإسمنت، في ظل النهضة العمرانية الكبيرة التي تشهدها المدينة، التي استقبلت في اليومين الماضيين 24 شاحنة محملة بالإسمنت، إلا أنها لم تف بالطلب المتزايد على المنتج. وذكر مندوب بيع السوق في محافظة خميس مشيط فهد السليمان أن 14 شاحنة وصلت منذ صباح أمس إلى محافظة خميس مشيط، ولكن الطلب يفوق العرض، في ظل اقتصار مصنع إسمنت بيشية على تحميل ست شاحنات فقط بالإسمنت المكيس، وباقي الشاحنات بالإسمنت السائب، فيما يتم جلب الإسمنت من مصنع المجاردة، الذي يبعد كثيراً عن ساحة البيع. مسؤولو «التجارة» يرفضون التصريح رفض مدير عام فرع وزارة التجارة في أبها محمد أبو خرشة التعليق ل«الشرق» حول أزمة الإسمنت، وأكد أنه غير مخول بالتصريح، وقال: من يحق له هو الناطق الرسمي في وزارة التجارة أحمد عبدالعال، الذي تم الاتصال بمكتبه، إلا أن سكرتيره حول استفسارات «الشرق» لوكيل الوزارة لشؤون المستهلك فهد الجلال، إلا أن سكرتيره أوضح أنه غير موجود. من جهته أوضح مصدر في فرع وزارة التجارة في أبها (فضل عدم ذكر اسمه) أن هناك طلبا متزايدا على الإسمنت في ظل ثبات الكميات التي تصل إلى المنطقة، التي لم تعد تفي بمتطلبات سوق العقار في عسير، مما تسبب في أزمة الإسمنت الحالية. وتابع «هناك عزوف من عدد من أصحاب الشاحنات عن النزول للسوق بسبب الأسعار الجديدة التي اعتمدتها وزارة التجارة أخيراً، حيث تظلموا من الأسعار»، مشيرين إلى أن تضاريس منطقة عسير وعرة ويتطلب الوصول إليها وقتا وجهدا، بالإضافة إلى تعرض الشاحنات للأعطال، مما يؤدي إلى عدم جدوى البيع بالأسعار المفروضة. وجود أمني في نقاط البيع لضبط الأسعار (الشرق)