تشهد منطقة عسير وعدد من محافظاتها وخاصة محافظة خميس مشيط ذات الكثافة السكانية والنشاط العمراني المتزايد بوادر أزمة من نقص إمدادات الأسمنت رغم تواجد 4 مصانع تغذي المنطقة في بيشة وجازان والمجاردة ونجران. «عكاظ» تجولت منذ ساعات الصباح الأولى أمس في الساحة المخصصة لبيع الأسمنت في محافظة خميس مشيط، حيث شاهدت مئات السيارات، وقد صفت في طوابير حتى اذا وصلت شاحنة الأسمنت تصطف السيارات على يمين الشاحنة ويسارها، ويتم البيع بما لا يتجاوز 20 كيسا للشخص بمبلغ 15 ريالا للكيس، ما عدا من يحمل رخصة بناء فإنه يتم السماح له بتحميل 50 كيسا. ولعل معاناة كبار السن وهم في انتظار وصول دورهم حتى يستطيع الواحد منهم صرف حصته من أكياس الأسمنت والعودة بها إلى عقاره الذي يريد إكماله، هي أبرز ما يرصده المراقب، تحدث ل «عكاظ» العم جار الله، وهو أحد كبار السن فقال إنه ينتظر منذ الساعة الخامسة صباحا وصول دوره لشراء 20 كيسا، رغم حاجته لأكثر من ذلك إلا أنه لا يملك رخصة بناء، ويقول إن الشاحنات التي تأتي إلى هنا محملة بالأسمنت لا تعود إلى الموقع إلا بعد عدة أيام متسائلا عن السبب؟ وقال هناك تلاعب من أصحاب الشاحنات، الذين يفضلون بيع حمولة الشاحنة بعيدا عن الساحة المخصصة للبيع ويفضلون نقلها إلى إحدى المخططات للبيع بسعر يناسبهم ويصل الى 22 ريالا للكيس. و قال ل «عكاظ» المقاول موسى عسيري «هناك بالفعل أزمة في توريد الأسمنت للمنطقة، حيث يصل لمحافظة خميس مشيط 4 شاحنات في اليوم لا تفي بالطلب المتزايد على الأسمنت ونحن نحجز دورنا في الطوابير ولا نكاد نصل للدور حتى ينتصف النهار أو حتى الظهر، وهذا فيه ضرر كبير على مصالح المواطنين والمقاولين»، مشيرا إلى وجود سوق سوداء لبيع الاسمنت خارج الساحات المخصصة للبيع. وتحدث ل «عكاظ» أحد أصحاب الشاحنات الموردة للأسمنت في محافظة خميس مشيط (فضل عدم ذكر اسمه)، حيث قال إن الأزمة لها شقان: الأول هو أنه يتم جلب الأسمنت من محافظة المجاردة وسعر البيع نفسه الذي يباع به في محايل أو في خميس مشيط رغم أن فارق المسافة قرابة 150 كم مترا فأبيع في محايل أفضل أما الشق الثاني فهو أن أبيع الأسمنت خارج الساحة المخصصة للبيع، بالسعر الذي يناسبني وهو ما جعل ساحات بيع الأسمنت تفقد الأسمنت. كما برز في ساحة بيع الاسمنت في خميس مشيط تجار السوق السوداء، الذين يصطادون الزبائن من أمام الشاحنات والطوابير الطويلة ويتحينون الفرصة لعرض ما لديهم على الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة للشراء لعدم توقف أعمالهم بسعر يصل إلى 25 ريالا للكيس الواحد رغم أنك لا تشاهد معه الأسمنت حيث كان قد خرج به من السوق، ليضعه في مكان آخر أو مستودع للتخزين، وقد يكون السبب في أزمة الأسمنت ظهور تجار السوق السوداء وأصحاب القلابات. وكانت «عكاظ» قد رصدت تواجد الجهات الامنية في ساحة بيع الأسمنت في محافظة خميس مشيط لمتابعة عمليات البيع وضبط الحالة الأمنية في الموقع. وأوضح مدير عام فرع وزارة التجارة في أبها محمد بن أحمد أبو خرشة أنه لا توجد أزمة هناك طلب متزايد على الأسمنت، مشيرا إلى أن منطقة عسير تغذيها 3 مصانع هي مصنع بيشة وجازان والمجاردة، بالإضافة إلى نجران. وحول تلاعب بعض أصحاب شاحنات الأسمنت والبيع في مناطق أقرب لهم من المحددة لهم، قال أبو خرشة إن هناك تنظيما لهذه المسألة، وقد صدر أمر من أمير منطقة عسير بعدم فسح الشاحنة إلا بعد تختيم أذون الشحن بما يفيد وصول شاحنات أبها لأبها والخميس للخميس وأحد رفيدة لأحد رفيدة. وقال أبو خرشه إن هناك متابعة مستمرة ومراقبة للسوق من قبل أفراد فرع وزارة التجارة، وأن السعر المصرح له بالبيع هو 15 ريالا للكيس وحول تحديد كمية المواطن من الاسمنت 20 كيسا ما لم يحمل رخصة بناء قال أبو خرشه إنه لم يتم تحديد ذلك ولكن تؤخذ في الحسبان المشاريع الحكومية ومن لديه رخصة بناء فإنه يحقق طلبه بالكمية التي يريدها. وأردف أنه بخصوص الذين يتم الشك في وضعهم بأنهم يحاولون التلاعب في السوق فيعطون بحسب المعروض في السوق. وقال أبو خرشه إنه لم يتم القبض على أي متلاعب في السوق وأن إدارته ومراقبيه غير مسؤولين عن ما يدور خارج ساحة بيع الأسمنت. ودعا المواطنين إلى عدم التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون التلاعب بأسعار الأسمنت وافتعال أزمة غير حقيقية. ونفى أبو خرشه وجود تعثر في مصانع الأسمنت، مشيرا إلى أن هناك 20 شاحنة تأتي إلى أبها و 20 أخرى تأتي إلى الخميس، وأن معدل الاستهلاك السابق 6 شاحنات في الخميس و3 شاحنات في أبها، مشيرا إلى أنه في الوقت الحالي تصل الشاحنات إلى 66 شاحنة ما بين أبها وخميس مشيط. وأكد أبو خرشة على وجود آلية تضمن المساوة وعدم تجاوز السعر المحدد، منوها إلى أنه ما دام هناك وعي لدى المواطنين، فلن يجد تجار السوق السواء طريقا للتلاعب بالأسعار.