حمد الزعبي حالياً هناك عقود توريد عمالة، وعقود عمالة، وخدمات فنية، وخدمات عامة، أو مساندة (كونتراكتز) سمها ما شئت، في النهاية هي تأجير، أو توريد عمالة بتخصصات فنية وإدارية للشركات الكبرى في البلد، مثل أرامكو وسابك والكهرباء، أو بعض الوزارات، وبكل بساطة، هي أن تقوم هذه الشركات بطرح مناقصة عامة أو محدودة، بأحد المسميات أعلاه، وتضيف الوزارات مسمى آخر، هو «عقود التشغيل» وطبعاً يتقدم لهذه المناقصات مقاولون، أغلبهم من المؤهلين مسبقاً، والمعروفين جيداً، والمفترض لهذه العقود، أن تكون لتخصصات معينة، يندر وجودها بسوق العمالة المحلي، ولفترة زمنية محددة، ثم تنتهي، وأُضيف عليها شرط جديد في السنوات الأخيرة، وهو نسبة معينة من هذه الوظائف يجب أن تشغل بمواطنين سعوديين، ولكن -يا أحبتي- لو نظرنا إلى هذه العقود، لوجدناها تمارس منذ أكثر من 25 سنة، ولنفس الوظائف، وبكل التخصصات الفنية والإدارية التي تحتاجها هذه الشركات، بصفة مستمرة، وقبل أن ينتهي أي من هذه العقود، يتم طرح عقد جديد، بنفس المواصفات! فقط قد يختلف في العدد، ومواقع العمل، والكميات، وحذف أو إضافة بعض مسميات الوظائف! وكل العمالة بهذه العقود، عمالة غير مدربة، فقط تحمل تخصصات وخبرة، شبيهة بحاجة هذه الشركات، وعندما يتم استقدام هذه العمالة، تكون المفاجأة، أنك تمضي كثيرا من الوقت في تدريبهم على الأعمال التي يجب أن يقوموا بها! وعلى المواصفات والمقاييس في هذه الشركات! التي هي بالتأكيد لا تتوافق مع المواصفات في البلدان التي قدموا منها! وطالما أن هذه الشركات تحتاج هذه الوظائف بصفة مستمرة ودائمة، وحيث إن هذه الشركات تشترط السعودة بنسبة معينة، وتشجع عليها، فلماذا تخلق هذه الشركات وسيطاً بينها وبين المواطن؟ ولماذا تتكبد الفرق بين ما يدفع للمقاول، وما يدفع للموظف؟ ولماذا هي لا توظف المواطن مباشرة، وتوفر على نفسها، وتكسب ولاءه، وتنمي مهنيته وحرفيته، فتفيد الوطن. والسؤال هو: من المستفيد من كل هذا؟! أغلب هذه الشركات تملك الدولة أكثر من 70% منها إن لم تملكها بالكامل. طالما أن هذا مال الدولة، فلماذا يكون هناك وسيط مستفيد بين الدولة والمواطن؟ لا شك أن هؤلاء المقاولين هم من كبار رجال الأعمال، ولديهم من الأعمال ما يغنيهم عن استيراد وتوريد العمالة، فلن نراهم يسجلون أبناءهم في حافز. ولا شك أن المبالغ التي تصرف على هذه العقود سنوياً، مبالغ كبيرة جداً، قد تتجاوز المليار ريال، ولا يعود على موظفي هذه العقود منها إلا في حدود 70% أو أقل، ومازاد يذهب للمقاولين! ولهذا أقترح على الوزارات والهيئات المعنية، مثل وزارة التخطيط، والعمل، ووزارة الخدمة المدنية، ومكافحة الفساد: حصر جميع العقود لدى هذه الشركات، وأنواع الوظائف والمبالغ التي تصرف عليها، والمدد الزمنية التي ظلت عليها هذه العقود. كذلك وضع خطة لتحويل جميع العاملين في هذه العقود من المواطنين إلى موظفين رسميين في هذه الشركات، وتشمل الخطة جدولة للوظائف المشغولة بغير المواطنين، بحيث يكون هناك فترة زمنية، ثم تشغل بمواطنين. قد يخرج علينا من يقول إنّ هذه العقود تعمل على توفير مصاريف هذه الشركات، وكذلك تعمل على جلب خبرات معينة لا تتوفر في البلد، وهذا القول فيه نوع من الصحة، لو طبق في بلد آخر، غير دولة تعد من أغنى دول العالم، وفيها -للأسف- معدلات بطالة عالية، نستغرب وجودها في بلدنا الغالية. ومن خبرتي في هذا المجال، فإنّ التوفير، إذا ما قورن بالفائدة، التي تعود على الوطن والمواطن، فإنه يعد (ولا شيء)! أما موضوع الحرفية، وقدرات العامل الأجنبي، فهذا افتراء كبير على قدرات العامل الوطني، إذا تمّ تدريبه بشكل صحيح، وأعطي الحوافز المشجعة، وحصل على إدارة عادلة، تهتم به، وتنصفه، وتضع البرامج الصحيحة لتطويره. من المؤكد أن هذه الشركات لديها برامج تدريب، وخطط لتوطين الوظائف، ولكنها تتحرك ببطء غريب! ولا تسد حاجة هذه الشركات لبدلاء المتقاعدين والمستقيلين وغيرهما، والدليل أن هذه العقود مستمرة منذ سنين، وهي في ازدياد! ولا شك أن الإخوة رؤساء هذه الشركات، هم من أبناء الوطن المخلصين، الذين يعول عليهم الأمل الكبير في تبني مثل هذه الاقتراحات، وتنفيذها على أرض الواقع، فجميع السلطات الرقابية والتنظيمية والتنفيذية، لن تستطيع القيام بذلك دون تبنيهم لمثل هذه المشروعات، وتحويل هذه العمالة إلى موظفين رسميين، وكذلك توفير المال العام.