كشف ملتقى للإعلاميين الليبيين أقيم بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الخميس، وحضره قرابة 500 إعلامي من مناطق البلاد كلها، عن حجم الهوة التي تقع فيها وسائل الإعلام الليبية المختلفة، رغم ازدياد هامش الحريات عقب سقوط نظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. وقال خالد اسبيتة رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى الذي اختتمت أعماله في ساعات متأخرة من ليل الأربعاء “إن الهوة التي يقع في قاعها الإعلام الليبي تتضمن البعد بين الإعلام الأكاديمي والمؤسسات المهنية بفعل النظام السابق”، لافتاً إلى أن “معالجة هذا الأمر يكمن في إقحام أعضاء المؤسسات المهنية في التعلم الأكاديمي ومن ثم التدريب العملي في تلك المؤسسات”. وأضاف “أن الهوة بين الإعلام والمواطن تتطلب لمعالجتها أن تعتمد وسائل الإعلام على بحوث علمية تعمل على نقلها لتكون قريبة من اهتمامات المواطن، وكذلك من خلال ضمان تمويل هذه الوسائل من خلال رسوم الضرائب التي يدفعها المواطن لضمان مشاركته”. واعتبر أن “التأخير في مناقشة قطاع الإعلام قد يعطي الفرصة لإطراف أخرى حكومية أو أصحاب رؤوس أموال للقفز لتشكيل هذا الإعلام، وإقصاء الإعلاميين”. من جهته، رأى نائب وزير الإعلام بالمكتب التنفيذي السابق خالد نجم أن “الهوة والتخبط الحالي سببها الصراع الدائر بين التركة الإعلامية لنظام القذافي وبين الإعلام المستحدث، ونتاج طبيعي لكل السنوات الماضية من القمع ومصادرة حرية الرأي والتعبير”. وقال “إن هناك واقعاً إعلامياً حالياً بدأ يظهر على أرض الواقع، وأصبح يتشكل بشكل جيد”. واعتبرت الصحافية جيهان عبدالكبير أن “غياب الهيكلية التي تنظم عمل وسائل الإعلام المختلفة التابعة للدولة، أو الخاصة، هي من سبب تخبط الإعلام الليبي”، لافتة إلى أن ما عمق ذلك هو “أن القائمين على الإعلام في الوقت الحاضر غير مؤهلين لإدارة المؤسسات الإعلامية”. وقالت “إن الإعلاميين الليبيين ما يزالون يعانون من السلبيات نفسها التي كانوا يعانون منها خلال النظام السابق بسبب العقول التي تسير الإعلام”، منتقدة إقصاء العديد من الإعلاميين عن الفعاليات والملتقيات الإعلامية بالإضافة إلى غياب الشفافية في الدولة. الإعلامي سليمان القبايلي اعتبر أن “معاناة الإعلام الليبي الحالية لا تنتهي إلا بالدعم الحكومي المادي والتقني وتأهيل الكوادر البشرية من خلال الاستعانة بالخبراء الدوليين”. وطالب بإرساء قواعد مهنية “تحول دون تنفيذ الأجندات التي تهدف إلى زعزعة استقرار البلد وأمنه”. وقال الإعلامي أحمد المقصبي إن “الإعلاميين الليبيين يحتاجون إلى مساحة زمنية كافية لإذابة الجليد وسوء الفهم والنوايا الناتجة عن حقبة نظام القذافي التي سيطر فيها مجموعة من العسكر على الإعلام”. ورأت الصحافية ريما أجويلي أن “التشكيك الذي ينتهجه البعض تجاه الآخرين والتقاعس لدى بعض المؤسسات الإعلامية ساهم في تعميق حجم الهوة التي يعاني منها الإعلام الليبي”. وأكدت الصحافية ياسمينة الشريف “هناك صراع واضح بين الإعلاميين القدامى مع من التحقوا بهذا العمل عقب اندلاع الثورة” ، واضافت ” لابد من استيعاب الشباب الجدد مع عدم تهميش القدامى وإقصائهم للاستفادة من خبراتهم في هذا. من جهته، اعتبر الإعلامي والصحافي عادل صنع الله “أن معاناة الإعلام الليبي تبدأ من مفهومه الذي يحتاج إلى تأسيس جديد”. وقال “إن بعض ما يعانيه الإعلام يتقاطع مع ما يعانيه المجتمع الليبي من ضعف ثقافة الحوار وفقر الكوادر وقلة الإمكانات” معتبراً أن “الأمر الملح الآن هو إرساء مفهوم جديد للإعلام، وتكوين مؤسسات إعلامية في ظل قوانين منظمة لها مع الاهتمام بالتدريب والتأهيل والتنظيم”. وأقيمت فاعليات ملتقى الإعلاميين الليبيين تحت شعار “رؤية جديدة للإعلام وطني مؤسسي مهني” وقال رئيس المجلس المحلي لمدينة بنغازي جمال بالنور إن “ثورة 17 فبراير أعادت تشكيل المواطن الليبي الذي يريد إعلاما صادقا يعبر عن واقعه اليومي بعيدا عن التكلس الإعلامي السابق الذي كان مكرسا لتمجيد نظام الشخص الواحد والأوحد”. ودعا بالنور “إلى أن يكون الإعلام الليبي الجديد مبنياً على الموضوعية والحيادية والدقة في نقل المعلومات والأحداث، ويعكس التعددية والتنوع في المجتمع، ويتعامل مع متطلبات ثورة 17 فبراير وهذا الملتقى هو الثاني من نوعه الذي يقام لاعتماد مشروع الميثاق المهني الإعلامي. أ ف ب | بنغازي (ليبيا)