محمد بن حسن الفيفي ربما هو حرص بعض القائمين على بعض المدارس بالتعليم العام، وسعيهم الحثيث في سبيل إبراز إنجازاتهم التعليمية عبر وسائل الإعلام، حسب رؤيتهم، وبما يتفق مع معنى الإنجاز عندهم. وربما في ظل سخط الرأي العام، وعدم قناعته بما تقدمه بعض مؤسساتنا التعليمية من مخرجات، يرى عجزها أمام تحديات العصر الحالي. وربما ما يلحظونه من تدني مستوى التحصيل العلمي لطلابنا، أثناء المنافسات والمسابقات الدولية، والبون الشاسع عند مقارنتهم بأقرانهم في البلدان الأخرى. وربما عدم رغبتهم في الاعتراف بواقع تعليمنا، وما يعتريه من الخلل والنقصان، وجل همهم تلميع صورته في عين المسؤولين، بدءًا بمكاتب التربية والتعليم، ثم إداراتها، وانتهاء بوزارتنا الموقرة، لتنال رضاهم، وصرفهم عن مراقبة الأداء الفعلي لتلك المؤسسات التعليمية، التي عودتنا تقاذف المسؤوليات، والاكتفاء بالمسكنات، كحلول مؤقتة لكثير من المشكلات، دون وضع حلول جذرية وعملية واضحة. وربما قناعة الكثيرين من العاملين في الميدان التربوي والتعليمي، وشعورهم عند مطالبتهم بتطبيق كثير من البرامج والأنشطة، بأنَّ ما يسعى له المسؤول في المقام الأول، لا يعدو هدفه سوى البهرجة الإعلامية فحسب، وليس تطوير قدرات المعلمين والطلاب! وخير مثال على ذلك، ما جاء في الخبر الذي أوردته صحيفة سبق يوم الأربعاء الموافق 26/ 5/ 1433 ه ونشره جوال السبق بما نصه «ثانوية في رنية تكرم ثلاثة من معلميها، إثر مخاطرتهم بأرواحهم، وإصرارهم على الحضور للمدرسة، وسط الأمطار والسيول المنقولة، الأيام الماضية، قبل أن تنقذهم العناية الإلهية بتدخّل إحدى المعدات الثقيلة التي نقلتهم بعيداً عن الخطر»! ومن هنا وجب التنبيه على ضرورة أن يكون هناك أصول للتكريم، وأهداف يتبناها المُكرِّم (بكسر الراء) وينالها المُكرَّم (بفتح الراء) لا يختلف عليها اثنان، لأنها أمور بدهية، وفي الوقت ذاته تعكس الواقع الثقافي والتعليمي، فالهدف من التكريم في التعليم بوجه عام هو «دفع الميدان التربوي إلى مزيد من التميز والإبداع والنجاح» ولنا أن نتساءل: هل وصلنا في مؤسساتنا التعليمية لمستوى أننا نحتاج التكريم لدفع المعلم للحضور إلى المدرسة؟ هل المجازفة والتهور من الأمور المحمودة التي تستحق التكريم؟ كيف يحافظ هذا المعلم على طلابه وهو لا يستطيع المحافظة على نفسه ويلقي بها إلى التهلكة في سبيل إثبات حرصه على الحضور؟ كنت أتمنى من مدير هذه المدرسة الفاضل أن يكرِّم صاحب المعدة الثقيلة، نظير عمله النبيل، وتضحيته في سبيل إنقاذ هؤلاء المعلمين، وإحالتهم إلى أقرب دفاع مدني لأخذ التعهدات الخطية التي تلزمهم عدم تكرار مثل هذا التصرف غير المسؤول! ولقد ذكّرنا هذا التكريم بتصرف بعض المسؤولين، وهم يتوعدون ويهددون كل من تسول له نفسه الغياب أو التأخر عن العمل، حتى وإن هلك عبر وسائل الإعلام، كي يوصل رسالة حسب اعتقاده مفادها: أنه حريص على الانضباط، وتحقيق المصلحة العامة، حتى لو لم يمتثل لولي الأمر الذي تجب له الطاعة ولا تجوز مخالفته، حين أعلن تعليق الدراسة عندما يكون هناك خطر على الطلاب والمعلمين!