انقلبت الصورة رأساً على عقب في لبنان، والحكومة بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة، فبعد تهديد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة إذا لم يُقَرّ بند تمويل المحكمة، أتى تهديد التيار الوطني الحر باستقالة نوابه المسبقة، ورفض تيار ميشال عون وحلفائه التراجع أمام تهديد ميقاتي، ولم يكلّف أحدُ نفسه عناء البحث عن حل ما، بل صعّدوا مواقفهم وقاطعوا جلسة مجلس الوزراء، وبذلك لم تُعقد جلسة الحكومة المقررة، بسبب فقدانها لنصاب الثلثين، وفيما ترك ميقاتي الباب مفتوحاً أمام تسوية ما، بعد طرحه تغيّب بعض الوزراء عن الجلسة لترجيح كفة مؤيدي التمويل، جاءت ردود الفعل مخالفة لرغبة ميقاتي، فأصرّت قوى الأكثرية الجديدة على رفض التمويل، ولم تفلح حركة المشاورات السياسية التي نشطت خلال اليومين الماضيين في إحداث ثقب في جدار الأزمة، واستمرار انسداد الأفق الحاصل، كما يبدو يُنذر بسقوط الحكومة يوم الأربعاء المقبل. تأجل اجتماع الحكومة إلى يوم الأربعاء المقبل، وتسلّم الوزراء جدول أعمالها الذي يحمل بند تمويل المحكمة، إزاء ذلك انقسمت المواقف في صف الفريق الواحد، حزب الله وحركة أمل وحلفاؤهما يريدون الذهاب إلى مجلس الوزراء، وإعلان رفض تمويل المحكمة، ويرفضون فكرة النائب ميشال عون بالاستقالة المسبقة، لعدم إفساح المجال أمام إنقاذ ميقاتي من مأزقه، في المقابل يفضل النائب ميشال عون استقالة وزراء التكتل والحلفاء وإعلان موقف مفاده “استقلنا لأن الحكومة عاجزة عن تحقيق أهدافنا الإصلاحية”، وبذلك لا يقال أن “الحكومة سقطت بسبب رفضنا تمويل المحكمة”. ووسط أخذٍ وردّ في أوساط الفريق الحاكم، يقابلهما ترقّب حذر لقوى 14 مارس لمستجدات الأمور، ترى أوساط ميقاتي، أن لا مصلحة لأحد بأن تفلت الأمور وتشيع هذه الأوساط جوّاً من التفاؤل الذي يسبق الساعات الأخيرة، فتعوّل لاحتواء الأزمة المستجدة على الاتصالات التي لم تتوقف أبداً. يذكر أن مهلة تمويل المحكمة تنتهي منتصف الشهر المقبل، وكان الرئيس نجيب ميقاتي قد أعلن خلال مقابلة تلفزيونية الخميس الماضي أنه سيستقيل إيفاءً لالتزاماته التي تعهد بها دولياً، وقال رئيس الحكومة في معرض حديثه عن الخطوة التي يمكن أن يلجأ إليها في حال سقط بند تمويل المحكمة الدولية على طاولة مجلس الوزراء، “باستقالتي سأحمي لبنان”، لكنّ ميقاتي أكّد على قناعته أنّ هذا البند لن يسقط، وهو مازال يراهن على وعي وإدراك شركائه في الحكومة كما قال، علماً أنّ هناك 12 وزيراً يؤيدون التمويل، وطرح مخرجاً يقضي بتغيّب بعض الوزراء عن الجلسة، ما يرجّح كفة مؤيدي التمويل. التيار الوطني الحر | لبنان | محكمة الحريري