افتتحت “أوبرا دمشق” مساء الثلاثاء أول عروض مسرحية الكاتب السويسري أيرفيه بلوتش تحت عنوان “أناتول فيلد” لمخرجها منتجب صقر، وهي واحدة من المسرحيات القصيرة لبلوتش، حيث لم يتعد زمن العرض الثلاثين دقيقة. وأناتول فيلد هو واحد من ثلاث شخصيات تعمل في مكتب واحد، وحين يلمح السيد فيلد إلى مشروع رحيله سيجد أن زميليه يعارضانه أشد المعارضة، فيقوم بالانتحار حيث يشنق نفسه في المكتب. وحسب دليل العرض، فإن “هذه النهاية المفاجئة غيرت قواعد اللعبة في المكتب”، يرفض زميلاه فكرة غيابه، فيروحان “يعبثان بجسده بطريقة مثيرة رغبة منهما بالتسلية. لقد وجدا في موت زميلهما السيد فيلد عالماً آخر، وجديداً أمام نزواتهما ورغباتهما المكتوبة”. واعتبر المخرج صقر أن إخراج هذا النوع من الأعمال للمسرح السوري يعتبر “تحدياً كبيراً، كونه باكورة إبداع الكاتب بلوتش المسرحي، والتي تنسب إلى المسرح الذهني الذي يصعب تقديمه على الخشبة”. غير أن اللافت أن المخرج السوري استطاع أن يقدم للمسرحية السويسرية “الذهنية” معادلا بصريا يقوم على اللعب والحركة. وأتاح عبث الشخصيات بالجثة تحويلها إلى ماريونيت، إلى دمية يتم تحريكها بخيوط، وهنا ينفتح حيز اللعب والمرح للممثلين، اللذين يحركان الدمية-الجثة عن بعد. ومن ثم فإن تحول المسرح، وهو عبارة عن مكتب لموظفين من الواضح أنهم يقيمون في مكان سفلي، إلى طابق سفلي ديكوره قائم ومصنوع من أنابيب المجارير البلاستيكية، تحول المسرح إلى هذا الشكل كان له أثر قوي وشديد التعبير. وقال المخرج صقر لوكالة فرانس برس “هم ثلاثة زملاء في مكتب، اخترنا لهم الاندر غراوند عالما، فهؤلاء وسخون، قذرون استقروا وشكلوا عالمهم الخاص، لديهم ايقاع عمل معين، لا حياة اجتماعية عندهم”. وأضاف “هكذا فإن الخروج عن الجماعة مرفوض”، في إشارة لمحاولة فيلد الرحيل عن المكتب. وأوضح صقر “اللعب، لعب هؤلاء مع الجثة، حررهما، وغير إيقاع الحياة لديهما، فأخرجا كل الكبت الذي يخبئان”. وأضاف المخرج “كان لا بد أن نضيف على النص شيئاً من اللعب، والحركة، وحتى الموسيقى التي جعلناها موسيقى سيرك”. ويؤكد المخرج “لقد حرصنا على تفادي الحلول الإخراجية الجاهزة والتركيز بالدرجة الأولى على أداء الممثل باعتباره الحامل الأساسي للنص على الخشبة”. ويختم بالقول “لا يقدم العرض سردا لحكاية بشكلها التقليدي، بل حادثة غريبة تجعل من العرض أشبه بمسرحيات الحلم”. يذكر أن هذا هو العرض الأول على مستوى الإخراج لمنتجب صقر، وهو الأكاديمي المسرحي، المختص بالمسرح الفرنسي والمتخرج من الجامعات الفرنسية، مع تجربة في الدراماتورجيا لبعض العروض في المسرح الجامعي في فرنسا. وسبق له أن أطلق مشروع “قراءات في المسرح الفرنسي المعاصر” في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق. وشارك في عرض “أناتول فيلد” الممثلون فاتنة صالح، وهي أدت شخصية فيلد، ومازن منى، وله يعود تصميم الحركة في العرض، إلى جانب الممثل كامل نجمة. وتم إنتاج العرض بالتعاون مع معهد ستوكهولم الدرامي. أ ف ب | دمشق