لا يعوض اليتيم -مجهول النسب- أن تنفق عليه دور الحضانة بسخاء وتدعمه بالبرامج المتنوعة، عن حاجته لصدر يضمه وسيدة يقول لها أمي، ولجو أسري بين إخوة وأقارب، كما لا تخلو برامج الاحتضان والأسر الصديقة من السلبيات، فيزور اليتيم عائلة معينة يومين في الأسبوع، أو يتم احتضانه بشكل دائم من قِبَل الأسرة، وما أن يكبر الطفل حتى يطرأ المحذور الشرعي ويضع حواجز بين الطفل وبين من ربته صغيرا وفتيات كان يعدهن أخواته. وقد وجد مجهولو النسب في أهداف جمعية الوداد الخيرية في جدة التي تأسست في عام 1429ه ضالتهم المنشودة، حيث تنص شروط الجمعية على الاحتضان بشرط الإرضاع، فلا يسلم الطفل للأسرة الحاضنة إلا بعد إرضاع الأم له خمس رضعات مشبعات بإشراف مسؤولات الدار، ثم يستخرج صك إرضاع من المحكمة يشهدن عليه، ليتحول مجهول النسب إلى ابن المرأة في الرضاعة، ليحصل الطفل أخيرا على أسرة كريمة ترعاه. ويقول رئيس الجمعية وصاحب الفكرة المهندس حسين بحري «يحدث وجود طفل يتيم في الأسرة شرخا فيها بعد أن يكبر، فيصبح وجوده محرجا لمن ربته كونه رجل غريب عنها في النهاية، ما يشعره بالضياع والنبذ، فمعروف النسب يهوِّن عليه وجود خال أو عم قريب يلجأ اليه، أما مجهول النسب فهو وحيد في هذه الدنيا، وعزمت على إنشاء هذه الجمعية، بعد عملي في جمعية لرعاية الأيتام، كان يُدمج فيها مجهولو النسب مع الأيتام معروفي النسب، وهو أمر خاطئ وله انعكاسات سيئة على الطرفين، فمجهول النسب يجب أن تكون له برامج سلوكية وتربوية متخصصة وموجهة له تحديدا، وهذا ما لا يتوفر في أي جمعية أخرى لرعاية الأيتام» مسلطا الضوء على أن جزءا من مجهولي النسب أبناء لثمانية ملايين عامل أجنبي من سائقين وعمال وخادمات. مبينا أن الجمعية تعتمد على الأوقاف الخيرية كمصدر دخل ثابت، إضافة إلى عضوية الجمعية، ونظام الاستقطاع الشهري لكفالة الأيتام، وهو ما يضمن استمرارية الجمعية. ويؤكد مدير الجمعية عدنان الشاويش أن الجمعية تسعى ألا يبقى فيها طفل واحد، قائلا «تم احتضان 43 طفلا من بين 57 طفلا استلمتهم الجمعية من وزارة الشؤون الاجتماعية خلال عامين، وأهدافنا تتجاوز ذلك بكثير، فنحن بصدد إنشاء مركز أبحاث لدراسة ظاهرة مجهولي النسب وتحليلها وتقديم إحصاءات لأعدادهم في كل منطقة ونسب التزايد السنوية، كما نعد لمشروع كبير لإعداد مناهج تربوية خاصة برعاية مجهولي النسب، لتكون دليلا إرشاديا لكل المتعاملين معهم من أمهات حاضنات ومدرسين، وتشمل هذه المناهج عدة مراحل، الجزء الأول منذ الولادة حتى عمر السنتين، ثم منذ عمر الثلاث سنوات وحتى دخول الدرسة، وتتدرج المناهج بعد ذلك حتى المرحلة الجامعية، وسيعد هذه المناهج مختصين في رعاية الأيتام من بيوت الخبرة، للعمل على إكساب الطفل ميزة تنافسية تعويضية تجعله فخورا بنفسه، كأن يصبح حافظا للقرآن أو بارعا في لعب كرة القدم ومتفوقا دراسيا». لافتا إلى مشروع آخر يهدف إلى تغيير نظرة المجتمع للأيتام من خلال برامج الوسائل الإعلامية، ومشروع لرعايتهم من المهد إلى اللحد، موضحا أن الجمعية ستكون مسؤولة عنهم حتى مماتهم، وأضاف «تستقبل الجمعية مجهولة النسب في حال طُلقت أو توفي زوجها، فنحن على استعداد تام لرعايتها»، مشيرا إلى قرب افتتاح فرع ثانٍ للجمعية في مكةالمكرمة خلال شهر، وافتتاح دار في الرياض وأخرى في الدمام، إضافة إلى افتتاح دور خارج المملكة، لتحقيق هدف الاحتضان بالإرضاع. وأبانت مديرة الاحتضان بالدار آمال الجهني أن الإيواء في الجمعية يختلف عن باقي الجمعيات، من حيث وجود أم حاضنة لكل طفلين يعيشان في شقة مجهزة بالكامل، مع مساعدة لها، وتبقى الأم الحاضنة مع الأطفال 24 ساعة على مدار الأسبوع وتحصل على يوم إجازة، كما يحق لها الخروج للتنزه أو التسوق كما لو كانت في منزلها الحقيقي، إضافة إلى توفير عيادة مع ممرضة مقيمة بشكل دائم. مديرة الاحتضان مع خالد أحد أطفال الدار