(0) دعني إذن أراه؛ لأقولَ لك يقيناً: أيُّ شيءٍ هو: انتماؤكَ/ وفكركَ/ والآيديولوجيا التي يممتَ وجهكَ شطرها. وما مِن أحدٍ يشكو ضموراً في بنيةِ «عقله»، وكساحاً في عِظام :»تدينه»، واضطرابا في تركيبة:»معارفه» إلا وتَمَكّنَ منه ثلاثي: «الظلم والبغي والعدوان» بحيثُ لازمَهُ هذا الثلاثي في فقه:»معرفته الرجال» وما سينتج عنه تباعا من مآلات تعامله معهم. ذلك أن أحكامه ستصبح بالضرورة أسيرة: «الصورة/ الشكل»، وهذا مباين للموقف الشرعي الذي تضافرت فيه: «النصوص»! وأياً ما كان الأمرُ، فابحث عمن تكون -أنت- من خلال هذه الشوارب: (1) لما أن تحفَّ شاربك أو أن تقصه وإن تشأ جززته وأنهكته – دون أن تحلقه – إذ هي ألفاظ دل مجموعها – من أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم – على شرعية الأخذ من الشارب وليس فيها ما دل صراحة على حلقه. لئن فعلت ذلك؛ فسلفيٌّ أنت ولا نزاع، وليتفطن هاهنا: أن سلفيي «نجد» أوفق هديا بالاتباع من حيث دال ألفاظ ما جاء في السنة ؛ في حين أن من يحلق «الشارب» بالمرة – كسلفيي الإسكندرية مثلا- فلربما كان تعويله على الدال اللغوي إذ نقل عن أهل اللغة أن: «الإحفاء» هو: الاستئصال. وليس لهم في فعل ابن عمر صحة احتجاج. وحسبنا أنه لم يرد صريحا «الحلق» في شيء من النصوص الثابتة. وإلى ذلك كان عمل فقهاء «المدينة» وهم من إليهم انتهى هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وعن ابن أبي شيبة، عن عبدالعزيز بن عمر، قال: سئل عمر بن عبدالعزيز: ما السنة في فصل الشارب؟ قال: يقص حتى يبدو الإطار ويقطع فضل الشاربين. (2) حلقُ الشارب – صبيحةَ كل يوم – مع شقيقتهِ الكبرى اللحيةِ -ابتغاءَ أن يكون الوجهُ كله أشدَ ملاسةً من ساقي حسناء مقصورةٍ في خِدْرها ولمَّا تزلْ بعدُ عذراء!- لا ريب أن صاحبَ هذا «الشاربِ» ذا الوجه الأملس قد مرَّ بأطوارٍ تأدلج خلالها (راكبا طبقا عن طبق) بحسبانه قد استأنف حياتَهُ بادي الأمرِ: قوميا مخلصا لها الولاء، ثم ما لبث أن تلفَّع بمُرط الناصريةِ حيناً من دهر الهزيمة إذ لم يكن شيئاً مذكورا، الأمر الذي اضطرَّه أن يتقولب على هيئة «يرقةٍ» بلبوس كائنٍ «حزيرانيٍّ» جراء متواليات الهزائم. لينحشِرَ تالياً -إذ لا مناص من الموضة- في قمقم زمرة: «العلمانية»، وها هو ينتهي بآخِرةِ تشكُّله وقد ازداد «نعومة» في: طور: «الليبرالية «، وأظنه للتو لم يبرح مضاربها حتى يأذن له «والده الروحي» أو أن يهلك دون ذلك!.وحيثما أشرق لمعان «الخدود» ملاسة فاعلم حينذاك أنك قِبالةَ: «ليبراليٍّ» جَلْدٍ لا يعدلُ ب»الحرية» أيَّ شيءٍ. قال جدّ «الليبرالي» الشاعر الجاهلي المتلمّس: فلا تقبلَنْ ضيماً مخافةَ مِيتَةٍ وموتَن بها حُرّاً وجلدُكَ أمْلسُ (3) أما شأن ُمَن يدعْ شاربَهُ حراً ليتخذ «الشارب» الشكلَ الذي يحلو له أن يتخذه؛ فلعله بذلك يُحَاكي شارب «تشي جيفارا» وبخاصةٍ للذين لم يرغبوا في أن يقلدوا «جيفارا» في شأن لحيته أيضا لأسباب لا تخفى على ذي لب!. وبكلٍ.. فيمكنك أن تُصنّف أرباب «هذا الشارب» النابتِ عشوائياً – نقولها وفق تعبيرهم – بأنهم: «ثور.. يون» غير أن حبل نصف «الدنيا» حينذاك كان بقبضة: «السوفيت»؛ وما كان لأمريكا أن تبشر بربيعها! وطرف «الحبل» آنذاك بيد الروس، وقد كان حبلا مفتولا بحق وهو أشد شبها بشارب: «ستالين»! (4) عطفاً على أن عَرّاب «الحداثة» هاهنا هو: «الدكتور الغذامي» وبنمذجته حتى «شكلا» للأتباع سابقا!، تنضاف إليها الضرورة «النسقية»؛ أقول: عطفا على ما سلف وبالنظر لمثل هاته الحالة فلا بد إذن من أن يُبْقِي «الحداثي» الشاربَ على أصوله مع شيء من هندسةِ تضخيمه عنوانا للفحولة!؛ يأتي ذلك رغبة في أن يُجعل من الشارب: علامة ً فارقة تبقي صاحبه في خندق التحديث، وبخاصةٍ إذا ما اعتبرنا: «نيتشه» بنواة أفكاره الفلسفية هو: «عراب الحداثة»-حسب ميشيل أونفريه. وعليه فيمكننا تفسيرُ خصومةِ «الغذامي» مع الراحل: «القصيبي»، وما كان بالتالي من اشتعال أوار نار العداوة فيما بين «الغذامي» والليبرالية «الموشومة» ذلك أن فتيل المعركة هو «الشارب» ليس غير! وكلما اتسعت مساحة «الشارب» ضاقت عبارة «الحرية»! (5) وإذا ما رأيتَ شارباً يشبه جِسراً معلقا على شفتين من شأنه أن يُزعجَ حاملَهُ فاعلم -رحمني الله وإياك- أنك يومذاك أمام «عربجةٍ» من شأنها أن تأخذكَ نحو أسطورة: «عنترة بن شداد العبسي» وحفيدة: «أبو عنتر»!؛ ولئن قدِّر لك أن تتبع طرف «الشارب» فسينتهي بك طرفه الآخر -لاريب- إلى قضبان سجن كبير! المهم أن تفطن إلى أن ثمة فرقا كبيرا فيما بين «الزعيم « و»الشبيحة»! إذ أخشى أن يُشَبّه لك؛ فلا تكاد تتبين حقيقة شاربيهما. (6) جغرافية الانتماء للدكتور: «عبدالله النفيسي» هي الأخرى يمكنك أن تقرأ خارطتها من خلال تضاريس «شارب» النفيسي، وذلك عبر مناخات حياته وفق هذه الدوائر: بيروت- بريطانيا- الكويت- ظفار- الإمارات على اعتبار أن لكل مرحلة: «شاربا»! وما فعلته لم يتجاوز أن توسلت «النفيسي» أنموذجا لمعرفة مدى سلامة الإمكانية في صحة قراءة تموج المتغيرات وذلك من خلال قراءة طقس: «شعر الوجه»! تحسبا لأي تسونامي قد يجعل في المستقبل من «الإنسان» كائناً مُتَشَعْرِنا! (7) المقاربة فيما بين شارب: «هتلر» و»بشار الأسد» كفيل بأن يكشف عن الجنيات المشتركة التي تجمع ما بين هذين المخلوقين! إذ لم يشأ هذا الأخير من أن يغادر «كرسيه» دون أن يجعل في العرب «هتلر» قبضايا ألمانيا! (8) إياك أن تصدق من يكثر من الأيمان المغلظة ويفرك -ولو بالهواء- سبابته بإبهامه ثم يقول: «أحلق شنبي/ شاربي» ذلك أننا ألفينا من كان هذا شأنه وقد بلغ الستين ولم يحلق له شاربا ولا مرة مع أن الكذب يجري في دمه! (9) لست أدري هل «المرأة العربية « لم تزل بعد ترى أن الشارب الكثيف والمنمق والمفتول يحكي قصة «رجل»، رجل كامل الأوصاف مكتمل الرجولة يمتطي فرساً أبيض تنتظره عند شرفة «بيتهم» ابتغاء أن ينتشلها من شبح العنوسة!؟ ولئن كانت «الشقيقة الكبرى» قبلا تتغزل بكامل الأوصاف وبشاربه إذ تذوب أنوثةً أمام سحر شاربه المفتول فإن «شقيقتها الصغرى» ربيبة التويتر والفيسبوك تفضله محلوق الشارب بسكسوكة! (10) لن تفلت «المرأة» هذه المرة من قبضة التصنيف حتى وإن لم يكن لها «شارب»! وإنما يمكننا القول: «أريني حاجبك.. أقل لكِ من أنت»!؟طبعا ستقوم أختي: «حصة» بالنظر نيابة عني ذلك أنها أكثر معرفة -وخبرة- في شأن التشقير.. والتنميص و...! فعلى «حصة» التحديق وعلى «خالد» التصنيف.