أفرزت التقنية الحديثة جيلا جديدا قادرا على أن يخرج ما كان محظوراً في السابق أو ما كان مخفياً وهذا إلى حد ما ظاهرة صحية نحو الشفافية إذا ما استخدمت بأسلوب حضاري ومتمدن، ولكن أن يصل الأمر إلى نقد لاذع خارج سياق الأدب فهذا أمر مريب. في السنوات الأخيرة خرجت لنا معارك بين الرجل السعودي والمرأة السعودية تحولت من نكتة في البداية إلى مسألة متأزمة وحوار استهجاني شبه يومي في الفضاء الإلكتروني.. الرجل يتهم المرأة السعودية أنها ذات ركب سوداء وسمراء البشرة وليس لديها من الجمال قطرة؛ مظهراً صوراً للمشاهير وغيرهن في مقارنة مجحفة لا تليق ببنت البلد.. المرأة كذلك تتهم الرجل بأنه لا يغيّر من شخصيته لدرجة أن السروال والفنيلة لا يفارقانه على مدار العام في مكاشفة واضحة أن الرجل السعودي صاحب كرشة كبيرة ولا يعشق إلا الروتين والأكل والنوم؛ وهذا ظلم كبير للرجل.. تجدد المعارك بين الجنسين يزيد المسألة تعقيداً في مجتمعنا.. هذه المعارك بدأت كنوع من الدعابة و(العيارة) في البداية؛ ولكنها للأسف انتقلت من عالم تويتر والواتس أب والفيس بوك إلى واقع نعيشه فصديقي قال لي إن ابنته في الثامنة من عمرها غضبت على شقيقها الصغير فقالت له: «انقلع يا بو سروال وفنيلة معفن»! لا أعرف كيف غابت الركب السوداء والبشرة الحنطية عن عيون أجدادنا حينما قالوا القصائد عشقاً وهياماً في زوجاتهم؛ ولا أدري لماذا تغافلت النساء عن سيرة حب جداتهن لأزواجهن وهم أيضاً لم يفارقوا السروال والفنيلة لعقود طويلة. ورغم هذه الحقيقة التي لا ينكرها إلا جاحد؛ فإنني على يقين أن هناك من سوف يخرج ليقول: «لو جدك شاف نانسي عجرم تتوقع ما يقول لجدتك يا أم ركبة سوداء؟! ولو جدتك شافت راغب علامة تتوقع أنها ما تقول لجدك يا بو سروال»؟!