كرّمت «الشرق»، مساء أمس، الإعلامي الشاعر شاكر عبدالله الشيخ، ضمن تكريم فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام لشاكر الشيخ (1948 2011)، في المهرجان المسرحي. ويأتي التكريم من «الشرق» ومن الجمعية اعترافاً ثقافياً بأدوار محورية لعبها الشيخ في الساحة الثقافية والإعلامية في المنطقة الشرقية لأكثر من أربعة عقود، ووفاءً لرجل تعددت إسهاماته، في الساحتين، مسجلاً حضوره كواحد من المؤثرين بكاريزما خلاقة عرفها الذين عملوا معه وشاركوه في المسؤوليات والأعمال. وحتى من قبل أن يتوارى عن الساحة متقاعداً من الزميلة «اليوم» عام 2003؛ عُرف شاكر الشيخ قيادياً تمازجت، لديه، روح الإدارة الصارمة بالحس الإنسانيّ، ونجح في تبني كوادر ثقافية وإعلامية ودعمها، على نحو واضح عند المتابعين في المنطقة على الأقل. ويأتي التكريم الأول له منذ وفاته، منتصف العام الماضي، ليُعيد بعضاً من الاعتبار للشيخ الذي عُرف شاعراً ومذيعاً وصحافياً ومسرحياً وموسيقياً، واجتذب إليه المهتمين بكل هذه الفنون، وأسهم في إيجاد وسائل العمل الثقافي والإعلامي عبر المواقع التي شغلها قيادياً ناجحاً، وكدح في سبيل الآخرين -ثقافياً وإعلامياً- أكثر مما كدح في سبيل ذاته. وهذا هو المعنى الذي قاله -بالضبط- الدكتور مبارك الخالدي ل «الشرق». وأضاف «كان لشاكر الشيخ دور ريادي في مجالات كثيرة، خاصة في تأسيس فرع جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، كما كان له دور كبير في الاشتغال بالصحافة الثقافية». و»شاكر أعطاني الفرصة الأولى في العمل الصحافي الثقافي منتصف الثمانينيات.. وأعتقد أن شاكر مثقف لم يهتم بنفسه كما اهتمّ بالآخرين». أب في المنزل وخارجه وقد تركت شخصية شاكر الشيخ آثاراً كثيرة في أجيال متعاقبة من المثقفين والإعلاميين في المنطقة الشرقية. وأنتج دعمه ورعايته تلاميذ تصدّروا مواقع هرمية في الساحة على نحو لم يحصل عليه شاكر الشيخ نفسه. وعلى الرغم من كونه صانع أضواء؛ بقي هو خارج الأضواء تقريباً، مثل أيّ أبٍ يشاهد أبناءه يكبرون. وفي شهادة سابقة وصف الشاعر علي الدميني شاكر الشيخ بأنه «مارس الأبوة مبكراً». فقد توفي والده مبكراً، فتحمل مسؤولية أربع شقيقات وشقيقين إضافة إلى والدتهم. وقد امتدّت هذه المسؤولية الأبوية في شخصية الشيخ داخل منزله وخارجه أيضاً. ووجد «شاكر» نفسه في المسؤولية منطلقاً من تأمين لقمة العيش لأسرته الصغيرة، فعمل في وظائف كثيرة منذ شبابه الأول. لكن المسؤولية الأبوية الأخرى تشعّبت لديه أيضاً، مركزاً على الفلسفة التي كان يكررها بقوله إن «الصحافة هي أن تتأثر وتؤثر»، ولذلك؛ كان يُجيد الشيخ «جمع الأطياف» في موقع واحد لتعبّر عن تأثرها وتمارس تأثيرها. فلسفة التنوّع وقد تجسّدت هذه الفلسفة حين ترأس القسم الثقافي في الزميلة «اليوم»، وهي تجربة تلت تجربة «المربد» التي قادها الشاعران محمد العلي وعلي الدميني. فقد نجح شاكر الشيخ في جمع الأطياف تحت سقف «اليوم الثقافي» في مرحلة كانت الساحة الثقافية تعيش مرحلة انتعاش الحداثة، مطلع التسعينيات. وقد نفذ تكليف رئيس التحرير، آنذاك، سلطان البازعي فطور القسم وجاء بفريق عمل حقق معادلة «الحداثة والتراث» في آن، وجمع أفراده الشعر والسرد والتشكيل والموسيقى والدراما والمسرح، فضلاً عن السينما في وقت كانت السينما مجرد وهم في الصحافة المحلية. وعبّر شاكر الشيخ عن تفكير صحفي يحسب حساب كل الأطياف والأشكال الثقافية، فخصّص للشعر الشعبي صفحتين مختلفتين. كانت إحداهما «أفق الصحراء» سلّمها للشاعر خضير البراق، والأخرى «أفق البحر» سلّمها للباحث الخليجي علي الدرورة، لتعبّر الصفحتان عن تأثرهما بالأدب العاميّ وتأثيرهما في ساحته دون ترجيح كفة بيئة على أخرى. وعلى مدار الأسبوع كان يدير الشيخ عمليات صحفية لتغذية 24 صفحة ثقافية يقوم عليها مثقفون متخصصون لا ينقصهم الاحتراف الصحفي. رئيس المحليات وفي ضوء نجاحه في صناعة الأفكار والكوادر؛ كلفه رئيس التحرير برئاسة قسم أكثر أهمية في الصحافة السعودية، فأصبح رئيس قسم المحليات ليعيد بناء قاعدة المحررين والمراسلين، بإعادة هيكلة القسم بالكامل ليتعامل مع الشأن المحلّي بدءاً من احتياج المواطن البسيط وصولاً إلى العناية بأعلى رأس في الهرم السياسي. وبشراكة رفيق دربه عبدالرؤوف الغزال تحمّل الشيخ مسؤولية تسع صفحات يومية تتفاعل مع الأحداث والاحتياجات والضغوط والحساسيات، ونقل القسم إلى مستوى التأثر ببيئة المنطقة الشرقية، واستمرّ يوجه محرري الصفحات إلى استلهام هذه الملامح بوعي وثقافة، وفهم للعمق الإنساني والتراثي، ناهيك عن الهمّ المعيشي لدى المواطن البسيط وحاجته إلى التنمية والخدمات. الشيخ في «الشرق» بدأ شاكر الشيخ حياته العملية موظفاً في وزارة البترول والثروة المعدنية. كما عمل في إمارة المنطقة الشرقية، وتنقل في إداراتها، واستقرّ به المقام، فترة ما، في مركز سلوى (إمارة سلوى سابقاً)، وكُلّف لمدة في منصب «أمير سلوى». لكن العمل الحكومي لم يرُق له حين اكتشف أن لديه موهبة خبيئة هي الصحافة. فدخل الصحافة من قسم الإخراج بجريدة «اليوم». وسرعان ما راح يتنقل بين أقسام الصحيفة، وصولاً إلى التحرير. لكنه ترك «اليوم»، وانتقل إلى «الشرق» حين كانت مجلة عام 1985م، ليفجّر طاقاته المهنية على نحو غير مسبوق، مستعيناً بكوادر شابة جديدة على الصحافة، مثل طارق إبراهيم الذي نما لاحقاً وصولاً إلى رئاسة تحرير «الوطن»، وفيحان الدعجاني، وأحمد الملا، والدكتور مبارك الخالدي، وأسماء صحفية وجدت طريقها إلى النموّ في مراحل لاحقة. شاكر الشيخ في شبابه الشيخ يلقي كلمة في إحدى المناسبات المنبرية (الشرق) مقالات شاكر الشيخ في مجلة الشرق عدد 331-1985 مقالات شاكر الشيخ في مجلة الشرق عدد 356-1986 الدرع التكريمي