في البيت يندر أن أتصفح «الشرق» دون أن تتطفل ابنتي «غادة» ذات الثلاث سنوات، فتشير إلى صورتي قائلة: «بابا رايح العمل»! إشارة إلى لبسي للشماغ والعقال في الصورة! وفيما كنت أتصفح مقال الدكتور عائض القرني: «فصل المقال في حكم لبس العقال» كانت بجانبي وسألتني وهي تشير لصورته لابساً العقال: «مين هذا بابا»؟ فأجبتها بأنه الشيخ عائض القرني؛ فسألتني: «رايح العمل»؟ قلت أجل يا ابنتي، عمك عائض «رايح العمل»! أعلن الشيخ عائض «ثورته» على العرف السائد بلبسه «العقال»؛ وحمل مقاله ذات الرسالة مشدداً على عدم الانشغال بالمظاهر لأنها مضيعة للوقت والجهد دون طائل، وقد أدهشتني خاتمة المقال التي كشف فيها رغبة بعض طلبة العلم في لبس «العقال» ولكنهم يحجمون عن ذلك لخشيتهم من (سطوة المجتمع)! هذه الجزئية مهمة لأنها تختصر مقدار التركة التي حمّلنا أنفسنا بها كتقليد ثقيل ننوء بحمله رغماً عنا؛ فيما هناك مساحة واسعة للاختيار! «فذنبنا على جنبنا» حين ننحاز للعادة على حساب الدين، وخشيتنا من ردة فعل غاضبة فيما لو أظهرنا مخالفة العادة لسماحة الدين «خلل» كبير يشي بالتناقض ممن يفترض بهم- كطلاب علم- استجلاء الحقيقة دون الارتهان لمبدأ الخوف «المتعدد» في قضية بسيطة كهذه فما بالك بحقائق أكبر من ذلك يتم وأدها وطمسها بسبب الخوف أوعدم استعدادنا لمواجهة التيار الجارف! ومن المفيد «نخل» مجمل عاداتنا المجتمعية بعيداً عن الركون إلى «استبداد العادة» أو الهوى النفسي، ورسالة العلماء والمفكرين وطلاب العلم عظيمة في هذا الجانب لإعادة الكثير ممّا سلب من سماحة ديننا وحضاريته تحت ذرائع شتى.