تجنح مجتمعات العالم الثالث عند حدوث الكوارث ووقوع النوائب لمحاولة معالجتها ومدارسة أسبابها بشكل عاطفي ديني عائم أو ميتافيزيقي غيبي، وهذا دليل على تراخي المعارف التطبيقية وإهمال البحوث العلمية الرصينة، وتقاعس المراكز والجامعات التي يُصرف عليها المليارات سنوياً. الانتحار كحالة وحدث.. له دراسات عالمية وبحوث ونظريات في علوم النفس والاجتماع، لعل أبرزها ما تحدث عنه «فرويد» و»دوركايم» و»فروم» الذي يقول بأن الانتحار لا محالة نتيجة صراع بين الخارج -المحيط- والداخل -المُنتحر-، باعتباره انكسار العدوان المضاد إلى الداخل. قرأت بعض المقتطفات من هنا وهناك حول الانتحار، ولفت انتباهي خلال هذه القراءات رأي إحدى المدارس المعرفية حول الانتحار حيث قالوا «الانتحار تعبير عن البكاء الرمزي، أو هو فعل للفت الانتباه». لدينا قصور بيّن في الدراسات التي تُعنى بالأسباب والوقائع والنتائج والحلول لأكثر الكوارث والحالات التي تقع في وطننا، فلم نسمع بمشروع كبير تتبناه إحدى الجامعات أو المراكز البحثية لدراستها دراسة شاملة وافية خصوصاً أن المجتمع السعودي لديه خصائصه الاجتماعية التي تشكل فوارق في الأرقام والحيثيات ونفسانية الإنسان، وستكون البحوث هنا ذات قيمة كبيرة جداً.. تنعكس مخرجاتها على طرائق الدراسة والأنظمة والمشروعات الوزارية، هكذا تكون الحياة الحقيقية والنهضة التي تُشعر الإنسان أنه إنسان مُكرّم، لا أن ندير الاستماع والترصد بعد كل محنة أو ضائقة إلى تلك الفزّاعات التي تُخيف الناس وتُرعب القلوب ولا تغلب العقل دون العواطف.