محمد عبدالله آل قريشة لا نشكك في نوايا إدارة المرور، ولكن هل علينا أن نكتفي بالنوايا؟ فالمواطن يتحمّل أعباء وتبعات قرارات في تقديري متعجلة وغير ناضجة، تجعله يضحى بقوته ومن يعول، ليكتفي بحسن نوايا المسؤول، كي لا يثير الشكوك حول مواطنته! وإلا ماذا نقول عن قرار وكيفية التطبيق الذي أراه متخبطاً وبدائياً لساهر، فهو في تقديري لم يكن لا نظاماً ولا يحزنون، وإلا كيف يكون نظاما وكل ما رأيناه لا يتعدى نصب وتركيب كاميرات في مواقع منزوية على الطرقات؟ وبالطبع إعداد دفاتر تحصيل المخالفات التي تبدو وكأنها الهدف الأساس، كل ذلك دون أي اعتبار للقيام بحملات توعية كما يجب، والدليل أنهم بعد تطبيقه الارتجالي لعام كامل ويزيد، تنبهوا لما كان واجباً عليهم القيام به، كخطوة استباقية للتطبيق، ولفترة لا تقل عن ستة أشهر، يؤسس فيها لبنية تحتية للنظام، وغيرها من موجبات التهيئة، الأمر الذي لو تحقق لقبلنا واقتنعنا أن لدينا نظام ساهر فعلاً، لكن الذي حصل أنهم اكتفوا بتركيب الكاميرات، وقالوا لنا «نظام ساهر» وبدأ التحصيل! واستمر استنزاف الجيوب وعلى حين غرة، وبحالة أشبه ما تكون بالذبح بدم بارد، ولعام كامل ويزيد، ويبدو أن بعضهم فطن لأنّ التوعية أمر مهم، فبدأنا نرى لوحات التوعية الإرشادية تنصب، ولكن بعد ماذا؟ وهل المبالغ الجزائية الهائلة بسبب هكذا «ساهر» وهكذا تخبط وبدائية، محقة وعادلة؟ هل عندما يخفق المسؤول يتحمل المواطن البسيط التبعات؟ قد يقول قائل إن لقطع الإشارة وتجاوز السرعات غرامات معلومة للجميع قبل ساهر، وهذا صحيح، ولكن هل يجوز إغفال الظروف والثقافات المجتمعية والحالة السائدة بهذه الطريقة عند استيرادنا لأي نظام تقني؟ حتى وإن ثبت نجاحه في بيئة ما، بطريقة «خذوه فغلوه»؟! في حين كان عليهم إدراك أنّ الفشل القطعي سيكون مصير توظيف أي تقنية مستوردة من هذا النوع، ما لم تراع الظروف البيئية و المجتمعية، من ثقافة وعادات وسلوك، وظروف اقتصادية وسواها، بما يحتم ومن البديهي، البدء بحملة توعية مكثفة استباقية لمدة كافية، وتجربة تسبق التطبيق الفعلي الكامل، وللأسف أن أي شيء من هذا لم يحدث! بل إن عكسه تماما هو ماحدث، وكأنهم يقولوا لنا إن الغاية تبرر الوسيلة، لكننا بدورنا نقول لهم: ماهكذا تورد الإبل. ما تم كان اجتزاءً مادياً، أشبه بالأخذ بجسد النظام وإغفال روحه، وكان الاكتفاء بالكاميرات بدلا من النظام المتكامل، ورغم ذلك وصمناه ب»نظام ساهر» ودفع البسطاء الثمن باهظاً. وهنا نتساءل بعد كل هذا القصور: هل يحق للمتضررين مقاضاة المتسببين في أعباء وتبعات أخطاء كهذه؟