وضعت الحكومة السعودية أمس لبنة جديدة من لبنات بناء الاقتصاد المعرفي، بعد أن قرر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الموافقة على تأسيس شركة وادي مكة للتقنية ليأتي مكملا للأدوار التطويرية التي يلعبها نظيراه في الرياض والظهران. ومن المعلوم أن السعودية تبذل جهودا حثيثة ومتواصلة على طريق التوجه نحو اقتصاد المعرفة والاستثمار المعرفي باعتباره خيارا استراتيجيا نحو التنمية المستدامة المعتمدة على التكنولوجيا والإبداع، وهذا التوجه الاستراتيجي للسعودية نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، توّج بحجم إنفاق هائل في ميزانية العام الحالي للتعليم والتدريب، انطلاقا من الإيمان بأن مخرجات العملية التعليمية والتدريبية هي من أهم أسس ومرتكزات نجاح الاقتصاد القائم على المعرفة. وتهدف الشركة الوليدة إلى المساهمة في تطوير اقتصاد المعرفة، عبر الشراكة بين المؤسسات التعليمية والبحثية ومجتمع الأعمال والاستثمار على أسس تجارية، من خلال الاستثمار في المشروعات المشتركة التي تصقل الخبرات والتطبيق العملي لطلبة الجامعة وأساتذتها. ويتوقع أن تساهم الخدمات القيمة والفعاليات الرائدة التي سيقدمها الوادي في إيجاد التفاعل والتواصل بين الشركات المقيمة فيه وبين جامعة أم القرى، حيث تم إنشاء وادي مكة للتقنية لتهيئة الجو لأصحاب المبتكرات الإبداعية وهو يهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد مبني على تسويق المنتجات الأولية إلى اقتصاد مبني على المعرفة، وحاضنات الأعمال أو حاضنات التقنية، تقوم بهذا الدور لتحويل الفكرة إلى منتج يتم تصنيعه وتسويقه. ومما لا شك فيه أن الوادي سيلعب دورا في غاية الأهمية يتمثل في نقل التقنية وتوطينها وتطويرها بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحقق التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون بين الجامعة ومراكز الأبحاث والتطوير في الشركات المحلية والعالمية، إيجاد بيئة محفزة وجاذبة للشركات الاستثمارية المحلية والعالمية المختصة بمجال البحث والتطوير، إلى جانب اكتشاف الموهوبين والمبتكرين والمبدعين من داخل المملكة وخارجها واستقطابهم ورعايتهم، كذلك تعزيز الحصيلة المعرفية والمهارية لطلاب وطالبات جامعة أم القرى بما يحقق المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وإيجاد فرص وظيفية متميزة في مجالات صناعة المعرفة، وتنمية الموارد الذاتية للجامعة بما يحقق الاستقرار المالي لها. ويشكل الاستثمار في الاقتصاد المعرفي توجها عالميا، لا سيما أن الاقتصاد المعرفي له مستقبل، كما يعد قطاعا واعدا، ففي حين كانت مرتكزات ثابتة هي عوامل أساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم، أصبحت الأصول المهمة في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية والمعلومات.