من المرجح أن تستهلك السعودية كميات أقل من الخام في محطات الكهرباء لديها هذا الصيف بفضل إرتفاع الانتاج من حقول للغاز وامدادات الغاز المصاحب لأي زيادة في إنتاج النفط لتعويض انخفاض الإنتاج الإيراني. وتفيد أرقام رسمية أن أكبر بلد مصدر للنفط في العالم استهلك الصيف الماضي 730 ألف برميل يومياً في المتوسط من الخام لانتاج الكهرباء التي تشتد حاجة السكان اليها لتشغيل المكيفات في شهور الصيف الحارقة من يوليو تموز إلى سبتمبر أيلول. وسيتجدد حرق مئات آلاف البراميل يومياً من أهم صادرات المملكة بمحطات الكهرباء هذا الصيف لكن كمية النفط المستخدمة لتوليد الكهرباء ستتراجع على الأرجح. ومن شأن زيادة إمدادات من حقل الغاز كران وزيادة متوقعة في انتاج الخام قد تصاحبها أيضاً كميات إضافية من الغاز أن توفر ما لا يقل عن 100 ألف برميل يومياً من استهلاك الخام. وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي الأسبوع الماضي أن المملكة أنفقت الكثير من المال على الغاز، وأن لديها حلولاً كثيرة يمكن تنفيذها خلال الصيف مضيفاً أن السعودية سترفع إنتاجها من الغاز عندما يبلغ الاستهلاك ذروته في أشهر الصيف. وقال النعيمي أن حوالي 500 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز أو نحو 90 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً ستتاح لثلاثة أو أربعة أشهر. وعمدت معظم الدول خارج الشرق الاوسط منذ فترة طويلة الى الحد من توليد الكهرباء بحرق النفط لتتحول الى الغاز والطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة. لكن في بلد يقبع فوق أضخم احتياطيات نفطية في العالم زاد استهلاك النفط لتوليد الكهرباء بنسبة 260 بالمئة من 2004 الى 2010 حسبما تفيد أرقام رسمية من مبادرة بيانات النفط المشتركة. وفي حين يفرض سقف انتاج أوبك قيودا على امدادات الخام من حقول النفط السعودية فان أرامكو السعودية التي تديرها الدولة تطمح الى اكتشاف الغاز وضخه على نحو مستقل لتلبية الطلب المتسارع على الكهرباء. وتدير أرامكو حالياً احتياطيات من الغاز قدرها 279 تريليون قدم مكعبة هي رابع أكبر احتياطيات في العالم، وتأمل في زيادة انتاج الغاز من 10.2 مليار قدم مكعبة يومياً في 2010 الى أكثر من 15 مليار قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2015. وفي حين رفعت الشركة الانتاج بدرجة كبيرة على مدى الأعوام القليلة الماضية، إلا أنها لم تستطع مواكبة الطلب الذي يزيد ستة بالمئة سنوياً مدفوعاً بنمو سكاني وطفرة في صناعة البتروكيماويات وصناعات أخرى. وقال علي بن صالح البراك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء في تصريحات لرويترز ان الغاز يستغل أينما وجد بدلا من أنواع الوقود الأخرى لكونه أنظف وأرخص وأعلى كفاءة. وقال “نتوقع إنتاج مزيد من الغاز هذا العام وفي المستقبل.” ويلبي الغاز نحو نصف الطلب السعودي على الكهرباء حالياً لكن في علامة على أن شركة الكهرباء لا تتوقع الحصول على ما يكفي لاحلال النفط قريباً أعلنت الشركة خططاً هذا الشهر لبناء محطة كبيرة جديدة تعمل بزيت الوقود. والعقبة الرئيسية أمام استغلال احتياطيات الغاز الطبيعي هي السعر المنخفض الذي تدفعه الصناعة والذي لا يتجاوز 0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز. وبعد أن ارتفع من متوسط كان يبلغ 145 ألف برميل يومياً في 2004 إلى 526 ألف برميل يومياً في 2010 لم يطرأ تغير يذكر على حجم الاستهلاك المفترض للنفط السعودي العام الماضي حيث سجل 522 ألف برميل يومياً بحسب تحليل لأرقام مبادرة البيانات المشتركة قام به اتش.اس.بي.سي. وتضاعف حرق الخام المفترض – أو الخام غير المبوب بعد حساب الصادرات ولقيم مصافي التكرير والتغيرات في المخزون – من 2008 الى 2009 عندما تراجع انتاج الخام مليون برميل يومياً في ذروة الأزمة المالية العالمية مما خفض كميات الغاز المصاحب المتوافرة. ويقدر جون توتي محلل قطاع الطاقة السعودي في اتش.اس.بي.سي أن زيادة متوسط انتاج الخام 1.15 مليون برميل يوميا من 2010 الى 2011 – مع قيام الرياض بتعويض فاقد معروض النفط الليبي – تعني زيادة امدادات الغاز نحو 70 ألف برميل يوميا من المكافئ النفطي. وقال توتي “حرق الخام لم يتغير في 2011 لكن توافر مزيد من الديزل وزيت الغاز في مزيج قطاع الكهرباء .. زيادة الغاز المصاحب وحقل كران ساهما على الأرجح.” وفي الصيف الماضي ساهمت واردات قياسية من الديزل وزيت الغاز وزيت الوقود المستخدم في توليد الكهرباء ببعض مناطق البلاد البعيدة عن حقول النفط أو الغاز في أول توقف لنمو حرق الخام منذ 2003. ويتيح تشديد العقوبات الغربية على مبيعات النفط الإيراني ولاسيما حظر أوروبي من أول يوليو تموز فرصة للرياض لضخ مزيد من النفط والغاز المصاحب له هذا الصيف. ولأن المملكة تملك معظم طاقة إنتاج النفط غير المستغلة في العالم فانها ستكون أكبر مصدر للمعروض البديل. ويمكن أن تتجاوز المملكة هذا العام متوسط إنتاج الخام الذي سجلته العام الماضي عند 9.31 مليون برميل يومياً. وبلغ متوسط الانتاج 9.84 مليون برميل يومياً في الشهرين الأول والثاني من 2012 حسبما أبلغت مصادر بصناعة النفط السعودية رويترز مقارنة مع 8.77 مليون برميل يومياً في الفترة ذاتها من 2011 حسبما تفيد بيانات المبادرة المشتركة. ويأتي 50 الى 60 بالمئة من الغاز السعودي من حقول نفط ومن شأن زيادة انتاج الخام مليون برميل يوميا فوق المستويات الحالية أن تزيد انتاج الغاز المصاحب ما بين خمسة وستة بالمئة مما قد يزيد حجم الخام المتاح للتصدير عن طريق خفض الكميات المستهلكة في محطات الكهرباء. وقال كامل الحرمي محلل الطاقة الكويتي “حرق النفط الخام جريمة. “هذا الصيف أعتقد أن السعودية ستعتمد بدرجة أكبر على الغاز وشراء المنتجات النفطية وبدرجة أقل على حرق انتاجها من الخام.” وتتوقف تلك الجهود على رفع انتاج كران أول حقل بحري للغاز الخالص لأرامكو والذي من المتوقع أن يرفع انتاج الغاز الخام من 400 مليون قدم مكعب يومياً الصيف الماضي إلى 1.5 مليار قدم مكعبة يومياً بحلول يونيو حزيران ثم الى 1.8 مليار في صيف 2013. وقال صداد الحسيني المسؤول التنفيذي الكبير السابق في أرامكو “امدادات الغاز من كران هذا العام مهمة جداً كبديل لحرق النفط الخام.” ومن إجمالي الزيادة البالغة 1.1 مليار قدم مكعبة يومياً في انتاج كران منذ الصيف الماضي يتوقع مراقبو الصناعة تخصيص نحو 75 بالمئة (أو 146 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا) لمحطات الكهرباء بعد فصل السوائل والكبريت. وقد لا يكون كران الإضافة الوحيدة لامدادات الغاز السعودية. فقد قال النعيمي الأسبوع الماضي أن حقل غاز غير مشهور في الخليج يطلق عليه ربيب قد يعزز الامدادات 500 مليون قدم مكعبة يومياً أو حوالي 90 ألف برميل يومياً من المكافئ النفطي هذا العام. والمعلومات عن حقل ربيب شحيحة لكن النعيمي قال أنه يمكن ضخ الغاز منه إلى التوربينات بأقل قدر من المعالجة. وقال محلل بالصناعة أن ما يصل إلى 95 بالمئة من انتاج غاز ربيب يمكن أن يستخدم في محطات الكهرباء. واذا أنتج ربيب وكران بطاقتهما القصوى وضخا كل الانتاج القابل للاستخدام الى محطات كهرباء، وهو أمر غير أكيد، فإن هذا قد يعني توفير نحو 236 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً. ويمكن لزيادة انتاج الخام مليون برميل يومياً أن تضيف كميات من الغاز المصاحب بنحو 73 ألف برميل من المكافئ يومياً بعد خفض 25 بالمئة لأخذ فصل السوائل والشوائب في الحسبان. ومن المستحيل التكهن بدقة بالاثر الاجمالي على استهلاك النفط السعودي لان الطلب على الكهرباء يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدرجات الحرارة ومن غير الواضح حجم النفط الذي ستضخه المملكة وسيتغير مزيج توليد الكهرباء مع تحول تلك المتغيرات. ويمكن للزيادة السنوية في الطلب السعودي من أجل توليد الكهرباء – والتي قدرها اتش.اس.بي.سي في مارس اذار عند 100 ألف برميل من المكافئ النفطي يوميا أو 600 مليون قدم مكعبة يومياً – أن تمتص نصف الزيادة المحتملة من حقلي الغاز. وقال توتي “ثمة مصادر طلب متنافسة على ذلك الغاز وقطاع الكهرباء هو الأخير في الصف. “يعني هذا أن أرامكو السعودية قد تحتاج لتحقيق هدفها لانتاج 15 مليار قدم مكعبة يومياً لمجرد تفادي حرق مزيد من النفط ... أنه هدف متحرك.” الخبر الشرق