طالب ذوو امرأة سعودية توفيت في خطأ طبي بتسريع إجراءات مقاضاة الطبيب الذي تسبّب في وفاة والدتهم، على حدّ اتهام إياه. وكانت الشؤن الصحية في المنطقة الشرقية قد فتحت ملف تحقيق في القضية، طبقاً لما صرّح به ل “الشرق” قبل شهر المتحدث الإعلامي فيها فيصل الغامدي. وقد نشرت “الشرق” القضية، إلا أن ذوي المتوفاة جددوا مطالبتهم بتسريع الإجراءات. وكان ثلاثة أشقاء من محافظة الخبر قد تقدموا بشكوى إلى إمارة المنطقة الشرقية ضد طبيب في مستشفى خاص في الخبر (تحتفظ الشرق باسمه) اتهموه خلالها بالتهاون والتقصير والتسبب في وفاة والدتهم نتيجة خطأ طبي، حيث يتهمون الطبيب بترك بقايا خياطة داخل بطن والدتهم ما سبب لها تسمما في الدم، إلى جانب عمل غرز خاطئة في جدار البطن أدت إلى التصاقها بالأمعاء أثناء إجراء عملية جراحية لها قبل وفاتها، إضافة إلى رفضه عمل الفحوصات اللازمة لإجراءات ما قبل العملية. وأوضح أبناء المتوفاة، أن الطبيب الذي تولى عملية جراحية لاستئصال رحم والدتهم التي كانت تعاني مشكلات وآلاما في الرحم، كان مترددا في اتخاذ الطريقة المناسبة، فتارة يخبرهم بأنه سيجري العملية بالمنظار، وتارة بفتح البطن لاستئصال الرحم، مؤكدين أن قراره وتشخيصه لم يكن واضحا، وأضافوا أنه لم يلتزم بالساعة المقررة لإجراء العملية، حيث تأخر عن الموعد بما يزيد عن ثلاث ساعات، في حين تفاجأ طبيب القلب داخل المستشفى بعدم علمه بقرار إجراء العملية للمريضة. وأضافوا أنه عند خروج والدتهم من غرفة العمليات ظهر انتفاخ في بطنها، فيما أفاد الطبيب أنه انتفاخ «طبيعي» نتيجة للعملية، متجاهلا آلام المريضة وصرخاتها، وعندما تفاقمت حالتها الصحية قرر الطبيب إعطاءها أدوية مسكنة قوية المفعول خاضعة للرقابة الطبية، إلا أن أبناءها طالبوا بالتأكد من حالة والدتهم، مؤكدين عدم وجود ما يستدعي الانتفاخ والألم في بطنها، فقرر أحد أطباء الجراحة التدخل، لتظهر نتيجة تشخيصه وجود انسداد في الأمعاء، دفعت الطبيب للاعتراف حينها بتعرض المريضة لخطأ طبي، في حين توجهت ابنة المريضة لمدير المستشفى وأخبرته بما حدث لوالدتها، مهددة برفع شكوى لوزارة الصحة، فصرخ عليها وزجرها وقام بدفعها خارج مكتبه وتلفظ عليها بألفاظ نابية، بحسب إفادتها. وبحسب إفادة الأشقاء، تبين بعد فتح بطن والدتهم مجددا لمعالجة الخطأ الطبي وجود غرزة خاطئة ألصقت جزءا من الأمعاء الدقيقة بجدار البطن من قبل الطبيب المباشر الذي أجرى العملية، والذي اعترف بخطئه أمام الفريق الطبي، لتجرى للمريضة على الفور عملية استئصال للجزء الذي تمت خياطته مع الأمعاء نتيجة تلفه، مؤكدين أن والدتهم خرجت بعد العملية بحالة أكثر سوءا، لتدخل على إثرها إلى العناية المركزة، فيما أفاد طبيب مختص أحضره أبناء المريضة بمعرفتهم من إحدى المستشفيات لمعاينة والدتهم، أنها تعاني تسمما حادا في الدم، وأن حالتها حرجة ومتدهورة، نافيا بذلك ما أكده الفريق الطبي لهم من تحسن حالتها وأن ما تعانيه من آلام نتيجة للعمليات التي أجريت لها. «الشرق» بدورها، أجرت عدة اتصالات متكررة لقسم العلاقات العامة في المستشفى الخاص، وأرسلت رسائل إلكترونية إلى القسم المختص، إلا أنها لم تتلق ردا رغم مضي نحو شهر على تلك المحاولات. وفي ذات الشأن، أكد قاضي الاستئناف في الدمام وعضو اللجنة الشرعية في لجنة الأخطاء الطبية للمستشفيات الخاصة في الشرقية سابقا الشيخ أحمد العصيمي، أنه في مثل هذه الحالة، يتم سحب ملف القضية رسميا دون تبديل، وتصويره من قبل الشؤون الصحية بنسخه كاملة، ويتم التحقق من الحالة، وفي حال ثبوت الإدانة، يتم إحالة القضية للمحكمة، مشيرا إلى أن اللجنة الطبية مكونة من فرعين: فرع يعنى بالمؤسسات الخاصة، والثاني يعنى بالمؤسسات الصحية الحكومية. وأضاف العصيمي أن اللجنة تتكون من عدة أطباء، يتم اختيارهم من درجة الاستشاري بحسب نوع الحالة، كما يتم تحديد نسبة الإدانة، ويحكم بموجبها، لافتا إلى أن الحكم يتكون من شقين: الحق الخاص بحسب الإدانة، والحق العام. ولفت العصيمي إلى أن بعض الأخطاء الطبية فادحة، وتقع نتيجة إهمال الأطباء أو استغلال العاملين في المستشفيات، مثل عمل تحاليل مبدئية غير ضرورية تدر عليهم أرباحا مالية، متجاهلين أثرها وما قد تسببه من تفاقم حالة المريض وتأثره بها. وفي السياق نفسه، أكد المحامي والمستشار القانوني حمود الخالدي، أن الأخطاء الطبية تمثل انحرافا عن السلوك الطبي المهني المألوف، ويتمثل في عدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية المتعارف عليها في علم الطب، والإخلال بواجبات الحيطة والحذر، وإغفال بذل العناية التي كان باستطاعة الطبيب فعلها، إضافة إلى غياب جانب مهم وهو مدى توافر رابطة أوعلاقة نفسية بين إرادة الطبيب والنتيجة الخطأ. وأشار الخالدي إلى أن المادة ال 27 من نظام مزاولة المهن الصحية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/59 بتاريخ 11/4/1426ه عرفت الخطأ الطبي بأنه كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس الصحي، وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم بالتعويض، وجهة الاختصاص في النظر في الأخطاء الطبية هي الهيئة الصحية الشرعية والتي تعمل على تقدير مقدار هذا التعويض بموجب نصوص المواد ال 34 و ال 35 وال 36 وال 37 من نظام المهن الصحية ولائحته التنفيذية. الشيخ أحمد العصيمي