آه لو يعلم الناس أن «الرزق والعمر» مكتوبان في «لوح محفوظ» منذ «رفعت الأقلام وجفت الصحف»، لاستراحوا وأراحوا مع «السعي الجشع» لنيل الرزق والبعد عما يهدد صحة المرء كل بالقدر الذي يستطيع، ولو كان -من بين رزقك- قرش واحد في الصين، لذهبت إليه، أو أتى إليك رغم بعد المسافات، فتلك «مهمة الرزاق» مع كل جهدك البشري المشروع لفتح الأبواب. وقد صدق الأقدمون في مقولة مازالت صالحة حتى اليوم «اجري يا ابن آدم جري الوحوش، غير رزقك يا ابن آدم لن تحوش». وقد تكون «سعة الرزق» -على محبة الناس لذلك- هي مدخلاً للاختبار الصعب، حيث لا يفسد النفس الضعيفة أكثر من الفلوس، ليتصور بعض الناس «المُختبرين» أن كل ما فوق ظهر الأرض هو سلعة للبيع والشراء بما في ذلك «ذمم الناس وكراماتهم» بما لا يختلف كثيراً عن «أسواق النخاسة» القديمة -حيث كان يباع العبيد رغم أن البائع نفسه عبد لله، وكذلك المشتري- إلا أن أكثر الناس لا يعلمون. ومن ضعف الإنسان أمام المال والسلطة، فإن البعض يتصور -خطأ وكفراً- بأنه اكتسب بهما سلطات إلهية تسمح له بأن يأمر فيطاع، بما في ذلك الأمر بغروب الشمس لحظة الإشراق إلى أن يأتيه ملك الموت ليذهب به إلى الحساب الأخير، حيث لا سلطة ولا مال وإنما: لمن الملك اليوم؟ ليرد الخلق جميعاً: لله الواحد القهار! ولا يتوقف الاختبار على «سعة الرزق»، وإنما يمتد اختبار الصبر إلى «قلة الرزق» مع كثرة العيال والتكاليف، فالصابر على الثانية له أجر الصابر على الابتلاء بالمال في الأولى، فكلاهما يناور الأيام، ليفوت الأول بحسن الأداء فيما لديه من مال حلال، والثاني يناور إلى أن يأتي الفرج.. وسوف يأتيه جزاء على الصبر به.