حاول توينبي فهم ظاهرة انبثاق وموت الحضارات، كذلك السبب خلف نمو كل حضارة وسر اختفائها، ومن كان خلف الانهيار. يزعم الرجل أن الانبثاق يتم من خلال انطلاق أقلية تستجيب للتحدي البيئي فتتبعها الأكثرية بالإعجاب، وتنتهي أو تخفق الحضارة حين تتحول الأقلية إلى أقلية رعب وإرهاب فتسوق الناس بالسوط والعذاب. عندها تموت الحضارة بالانتحار الداخلي. أحصى المؤرخ البريطاني توينبي 600 مجتمع بدائي مر على وجه الأرض، خلال تسعة آلاف سنة من عمر الحضارة، انبثق منها حوالى 32 حضارة عمرت وازدهرت ثم فني أغلبها. وبقدر تباين البدايات بقدر تشابه النهايات. تماماً كما في اختلاف شعر الشباب والشابات من خرنوبي وأسود وأشقر ثم في ابيضاضه عند الجميع بدون تفريق مع اقتراب النهاية. إنه مثل حزين نوعاً ما، ولكن هذا يخضع لقانون التيرموديناميك الثاني الذي وضعه كارنو دي ساد عام 1880 من أن الأنظمة المغلقة تميل مع الزمن إلى أسوأ أوضاعها، ويتظاهر هذا بتحلل المركب الكيماوي وتشقق البناء وانهيار الجسور وموت الإنسان وانهيار الدول وأخيراً موت الحضارات. وفي نهاية حضارات أمريكا الوسطى تباينت الآراء حتى كشف الغطاء قبل فترة قصيرة عن سر عجيب. في القرآن أن الزلزلة حين تقع تحدث الأرض أخبارها. ولكن كيف تتكلم الأرض بالأخبار؟ وفي سورة فصلت حديث ممتع مثير عن نطق الأعضاء، «وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء». فكيف يشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون؟ وفي سورة القيامة تطالعنا الآية التي تقول إن البنان وهي نهايات الأصابع سوف يعاد سبكها وسكبها وإعادتها مرة أخرى بمحتويات البصمة التي تميز إنساناً عن آخر، ولا تكرر نفسها أي طبعة البصمة بين إنسان وآخر إلا مرة واحدة كل 64 مليار مرة! وفي الأرض يتحدث الشجر والحجر كل بطريقته ولغته الخاصة «كل قد علم صلاته وتسبيحه». كذلك سوف يحصل لنطق الأعضاء العجيب بلغة عجيبة. «وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم... وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين».