قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حوار مع إذاعة «كومير سانت» الروسية: «إذا ما انهار النظام في سوريا فستجد بعض البلدان المجاورة الرغبة في إقامة نظام سني. وقال إن خطوات السلطة في سوريا تأتي متأخرة، وعندما تجري محاولات لحلحة الوضع يحدث فجأة رد فعل معاكس يؤدي إلى إيقاف التحرك نحو التسوية. وهذا ما يجري الآن من عرقلة مهمة كوفي عنان المبعوث الخاص لهيئة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية». «الشرق» استطلعت آراء بعض الشخصيات السياسية والخبراء من مصر وسوريا. قال القيادي السوري في مجموعة العمل الوطني المعارض كمال اللبواني ل «الشرق»: كلام لافروف يكشف الخلفية الثقافية التي يبنى عليها الموقف الروسي، وأضاف أن القادة الروس لا يتصرفون كممثلين لدولة مدنية بل كفريق ديني وطائفي وهذا بحد ذاته خطير جداً، وقال اللبواني إذا كان المطلوب دوليا قهر المجتمعات الإسلامية «السنية» فهذا يعني أن على «السنّة» في العالم وهم مليار نسمة أن يتعاونوا لمقاومة المشروع الصليبي الذي يتزعمه بعض القادة الذين يدعون المدنية. وأكد أن كلام لافروف يلتقي مع آراء الأصوليين الإسلاميين الذين يقولون بوجود مؤامرة صليبية على الأمة؛ وحيث تتجلى هذه المؤامرة برأيهم بهذه الأنظمة وأن كل من يتعاون مع الدول الغربية هو جزء منها، وأن المطالب العلمانية والليبرالية والمدنية هي خديعة «للسنّة» لجرهم إلى كذبة اسمها الوطن، بحسب تعبير هؤلاء الأصوليين. وقال اللبواني إذا كانت الأوطان تبنى بهذه العقليات ونمط التفكير فبئس هكذا أوطان، وأضاف اللبواني يبدو من كلام لافروف أن العلاقات الدولية أيضا تبنى عليها، وهذا يعني أننا سائرون إلى حرب أهلية طائفية ودينية ليس في سوريا وحدها بل أيضا سيكون ذلك في إسرائيل وروسيا وإيران. وعن البيان الذي صدر عن مجلس الأمن بشأن سوريا قال اللبواني: إنه بيان ضعيف بسبب المواقف الدولية المختلفة حول الأزمة والموقف من النظام، بين مؤيد ومعارض لبقاء الأسد في السلطة، وأن أي مبادرة يجب أن تكون مترافقة مع ضغوط لإجبار النظام على وقف القتل والتدمير وبدون آليات للضغط على النظام ستفشل كل المبادرات، وهذا ما هو متوقع لمهمة كوفي عنان التي أيدها بيان مجلس الأمن، وأكد اللبواني أن عنصر الضغط الوحيد الآن هو المقاومة في الداخل وانتفاضة الشعب المستمرة، ولابد من مساعدة المقاومة المسلحة حتى تستطيع أن تغير المعادلة السياسية ويقبل النظام بالرحيل، وأوضح أن لا أحد في سوريا يقبل بأي مبادرة سياسية لا تنص على رحيل الأسد، وأن أي حوار سيبدأ وينجح سيكون عن كيفية رحيل الأسد وليس الحوار معه. خبراء مصريون: روسيا تستخدم الفزاعة الطائفية وتخبط في موقفها اعتبر الخبير الاستراتيجي المصري والمتخصص في الشأن السوري، اللواء أحمد وهدان، تصريحات لافروف حول احتمالية قيام نظام سني في سوريا بعد سقوط بشار الأسد محاولة من الدبلوماسية الروسية لإطالة عمر النظام السوري باستخدام الفزاعة الطائفية، مشيرا، في حديثه مع «الشرق»، إلى أن أداء المعارضة السورية خلال عام يعكس ابتعادها عن الطائفية.وقال «تناول لافروف للصراع في سوريا من زاوية طائفية يبدو أمرا جديدا على الدبلوماسية الروسية، وإن كان يمثل استمرارا للنهج الروسي في دعم دمشق واختلاق الذرائع لها». وأكد أن المعارضة السورية بحاجة إلى مزيد من وحدة الصف لتثبت للمجتمع الدولي أن سقوط نظام الأسد لا يعني بالضرورة قيام نظام سني طائفي، وتابع «بالتأكيد سيصعد إلى السلطة سنّة لأنهم يمثلون 75% من الشعب، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن تصدر عنهم ممارسات طائفية ضد بقية الطوائف»، واصفاً أداء مكونات المعارضة السورية في الداخل والخارج ب «المطمئن» حتى الآن فيما يتعلق بالنظرة للأمور بعيدا عن المنظور الطائفي. بدوره رأى الخبير الاستراتيجي المصري، عادل شاهين، أن تصريح لافروف يعكس التخبط الشديد في الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية وافتعال مبررات للاستمرار في دعم الأسد، وتابع «ما قاله وزير خارجية موسكو لا يعني بالضرورة أن النظام الروسي يفكر في الصراع بشكل طائفي، لا أعتقد أن موسكو تتعامل بنهج يشبه النهج الإيراني».
معتوق: هل لافروف وزير خارجية روسيا أم ضابطاً في المخابرات السورية دمشق – الشرق ردود فعل ساخرة رصدتها «الشرق» على تصريح لافروف الأخير بأن سقوط النظام يعني وصول السنة إلى السلطة. تساءل الناشط الحقوقي المحامي خليل معتوق ضاحكاً إن كان لافروف وزير خارجية روسيا أم ضابطاً في المخابرات السورية، لأن مثل هذا التصريح لا يصدر حتى عن ضباط الاستخبارات السورية. وأضاف أنه يبدو أن وزير خارجية دولة عظمى مثل روسيا لا يعرف ما يدور في سوريا ولا يعرف حقيقة الشعب السوري ذي التاريخ الطويل بالثقافة والحضارة، والثورة السورية التي لن تنجر لما يخطط لها النظام في تغيير مسارها مهما كانت التضحيات. أما الناشط أبو عبيدة فعلق أن هذا التصريح هو اعتراف من لافروف أن الحكم في سورية طائفي وليس وطنيا وأنه لا يمثل الأغلبية، وأن سقوط نظام هذه الطائفة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع سيوصل الطائفة المهمشة وأغلبية الشعب إلى السلطة، وهذا أمر طبيعي في عودة الأمور إلى نصابها بعد خروجها عن السياق الديموقراطي منذ مجيء حزب البعث وحافظ الأسد إلى السلطة قبل أكثر من أربعين عاما، وهذا الكلام يمثل وجهة نظر النظام ويثبت أنه يحكم البلد طائفياً. بينما قال الدكتور حسين العماش إن السيد لافروف أثبت بهذا التصريح أنه قليل الأدب وأن كلامه لا يليق بوزير خارجية روسيا، لأن المشكلة في سوريا سياسية والمطلوب تنحي الرئيس ليحل مكانه أي مواطن سوري بغض النظر عن طائفته أو دينه ما دام يستحق المنصب. وهذا ما يؤكد جهل القيادات السياسية الروسية بطبيعة الثورة الشعبية في سورية وخلفياتها. ولابد من تذكير لافروف أن رئيس الوزراء الشيخ فارس الخوري انتخب رئيساً للمجلس النيابي السوري عام 1936 ومرة أخرى عام 1943، كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ووزيراً للمعارف والداخلية في أكتوبر عام 1944... وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي أمر أعتقد أنه لن يستطيع لافروف استيعابه. * خبراء: روسيا تخشى على الكنسية الأرثوذوكسية وليس من خسارة تسليح وتمويل سوريا * قراءة في المشهد السوري.. مذابح واستباحة تتجاوز كل عقل