تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لإذاعة «كوميرسانت إف إم» الروسية والتي حذر فيها من أن سقوط بشار الأسد في سوريا قد يؤدي إلى قيام نظام سني في دمشق، توحي بأن موسكو فقدت كل مبررٍ لدعم الأسد فبدأت باختلاق حججٍ لإطالة أمد نظام يذبح شعبه، وإن كانت هذه الحجج ذات بعدٍ طائفي. روسيا الآن تناقض نفسها، فهي تقف في وجه الإجماع العربي والدولي ضد الأسد بحجة رفضها أي تدخل خارجي قد يؤدي إلى تغيير النظام بالقوة، ثم تفعل العكس، تتدخل في الشأن الداخلي لسوريا وتعلن صراحةً أنها ضد وصول السنّة إلى السلطة، وهو ما يشكل عدواناً واضحاً على حق السوريين في اختيار من يمثلهم عبر آليات الديمقراطية، كما يعد اعترافاً ضمنياً من موسكو بأن النظام السوري «علوي»، أليس هذا في حد ذاته تصريحا طائفيا؟ وإن بدا للبعض أنه تحذير من الطائفية. إن موسكو اليوم تثبت للعالم، بما طرأ على دبلوماسيتها من بعدٍ طائفي، أن حديثها عن رفض التدخل في الشأن السوري لم يكن صادقا، وأنها ساهمت في إطالة عمر الأزمة وأضاعت على السوريين فرصاً للحل بحجة لم تلتزم هي بها. بدورها، تبدو المعارضة السورية بمكوناتها في الداخل والخارج مُطالَبة أكثر من أي وقتٍ مضى بالتوحد لقطع الطريق على الإدعاءات الروسية وطمأنة المجتمع الدولي أن سوريا المستقبل لن تكون طائفية، وأن المواطنين السوريين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم هم الضمانة الوحيدة لحفظ السلم الأهلي في البلاد في مرحلة ما بعد سقوط الأسد. أما موسكو، التي كشف وزير خارجيتها عن حقيقة تدخلها في شؤون سوريا، فعليها أن تدرك أن ابتكار «الفزَّاعات المزيفة» وتشويه أجندة الثورة السورية لتعطيل خطط الحل لن يؤدي، وإن أطال مدة بقاء حليفها، إلى حرمان السوريين من التمتع بحق تقرير مصيرهم دون تأثرٍ برغبات القوى الخارجية، قد تكذب روسيا بعض الوقت، لكن ربيع الثورات العربية علّمنا أن لجوء الأنظمة المرفوضة شعبياً وشركائها في الداخل والخارج لإثارة المخاوف والنعرات الطائفية، لن يعود عليها بالنفع طالما بقيت الإرادة الشعبية صلبة، وهو ما يتوافر في الحالة السورية.