ربط مراقبون وخبراء سياسيون، وصف الموقف الروسي بالنسبة للقضية السورية، لما تخشاه على الكنيسة الأرثوذوكسية، ومسحيي سوريا بالدرجة الأولى، وهو ما تجسد في حديث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي لم يتردد من إعلان خشيته من قيام دولة سنية في سوريا في أعقاب سقوط نظام الأسد. وأكد الخبير في العلاقات الدولية الدكتور عبدالله الشمري ل «الشرق» أن خشية الروس من إزالة النظام الأسدي تنبثق من خوفها على مسيحيي سوريا، بمنطق ديني واضح، تأكد من حديث وزير الخارجية الروسي، الذي أكد هذه الخشية علناً ودون تردد أو تخفٍ. وعدّ الشمري روسيا في هذه الفترة تحديداً ولياً لسوريا إن جاز التعبير على الأقل في الاستراتيجيات والسياسات العليا، ويتأكد ذلك من خلال المواقف الروسية المتلاحقة كقلنسوة للأزمة في سوريا، بعيداً عن موقف وزير خارجيتها الذي أكد بدوره نظر بلاده للأزمة في سوريا على أنها أزمة شبيهة ربما لما يدور على الأرض في بعض الدول العربية، ك «ليبيا» التي رأى أن الدماء تراق فيها كما يحدث في سوريا.وقال الشمري في حديثه «بدون شك، روسيا ومع تمكن النظام السوري من إقناعها والصين بالوقوف معه في موقف واحد، لا يزال ثابتا حتى اليوم على الرغم من إراقة الدماء التي تجري في سوريا، واستطاع النظام إقناع هاتين الدولتين بأهميته في المنطقة الاستراتيجية كحليف لهما وأن روسيا ستخسر نقطة ارتكاز لها في البحر الأبيض المتوسط، ناهيك عن سيطرة السنة على الوضع في سوريا، هذا ما يتضح من خشية لافروف».أما الباحث السعودي الدكتور عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للدراسات قال في تصريحات ل «الشرق» إن صراحة لافروف فيما يتعلق بخشيته من قيام دولة سنية في أعقاب إزاحة نظام الأسد، يوضح أن من يسيطر على السلطة في سوريا هم من الطائفة العلوية.«بن صقر» أسهب في شرحه للسلم الإداري الذي تتولاه على الأقل في المؤسسة العسكرية الطائفة العلوية، وقال «المؤسسة العسكرية السورية يحكمها بالدرجة الأولى أشخاص من الطائفة العلوية التي تعود لها عائلة الأسد، فلك أن تتصور قيادات الجيش على سبيل المثال أو من يتولى القرار من كبار الضباط من ذات الطائفة، فمثلاً إن علمنا أن الجيش السوري يزيد عن ثلاثمائة ألف، منهم 25 ألفا من الطائفة العلوية، في حين أن بقية عناصر الجيش من الطائفة السنية، وأكثر من 1300 قيادي من كبار الضباط هم من الطائفة، وهنا تتحقق معادلة أن من يحكم الآلة العسكرية المهمة في سوريا هم العلويون، أما الطوائف الأخرى كالسنة مثلاً فيعتبرون خطاً ثانياً ولا يملكون قراراً في المؤسسة العسكرية السورية». ويرى «بن صقر» أن نظام الأسد بات غير قادر على العودة لما كان عليه الوضع قبل سنة، ومن هنا يتضح انسياق السوريين وراء المعارضة والجيش الحر، وإن لم يحقق الجيش الحر مكاسب فهذا يعني أن ينساق السوريون لأي طرف قد يصد عنهم صواريخ النظام، التي باتت تحتاج دروعاً صاروخية لحماية المناطق والمحافظات السورية.وقال «مازالت أمامنا مرحلة مهمة بالنسبة للوضع في سوريا، لمعالجة التدهور الاقتصادي، وإيجاد مناطق آمنة للاجئين السوريين خصوصاً على الحدود السورية الأردنية، كون الجيش السوري يتمركز في الجهة الشمالية من الحدود، فالمواقع التي أُمِّنت لكبار الضباط في تلك المنطقة لا أرى أنها مناسبة لهم، وهو ما سيقود لانسحاب البعض منهم، في حال تدهور الوضع، ولا بد هنا من الإشارة إلى حصار قوي يمكن أن يجبر النظام السوري على التراجع عن ممارساته، أو يواجه الإرادة العالمية في نهاية المطاف». عبدالعزيز بن صقر