موجعٌ أن يكون دور الإعلام محدوداً وخطواته بطيئة وتكاد تكون خجولة في نشر ثقافة التطوع في مجتمعنا، ما زلت أتساءل لماذا يرى إعلامنا العمل التطوعي من قائمة الأشياء العادية، وكأنهم يجهلون قيمته ودوره في بناء المجتمع وتعزيز الروابط الاجتماعية وزيادة الوعي للأفراد باعتباره من الأخلاق الحميدة التي حثنا عليها الدين الإسلامي؟! نحن نعلم أن الإعلام يملك أدوات من التأثير القادرة على نشر ثقاقة معينة في المجتمع وإحداث تغير في الإدراك العام في ذهن الفرد ورغباته وسلوكه ونمط معيشته، وقد يتجاوز دوره خصوصاً في وقتنا الحالي في ظل تنوع الوسائل الإعلامية وقدرتها على التحكم في الرأي العام تجاه بعض القضايا الاجتماعية في مختلف المجالات، كما أنه يعتبر محركاً قوياً لكثير من المبادرات والرؤى في المجتمع. ولكن الدور الإعلامي على الرغم من تنوعه نجد منه التقصير في بعض المبادرات الاجتماعية، ونذكر منها على سبيل المثال ثقافة التطوع في المجتمع التي تعتبر ذات أهمية لارتباطها الوثيق بالعمل الإنساني من خلال مساعدة الآخرين وتقديم يد العون بالنفع الذي يفيدهم ويجلب السعادة لهم. ولأننا ندرك أنه من خلال العمل التطوعي نستطيع رسم أثر إيجابي على أفراد مجتمعنا من خلال تطوير مهاراته وتوجيه طاقته إلى عمل الخير وتجهيزه لأن يكون قادراً على التكيف مع ظروف الحياة في أوقات الكوارث، وفي الوقت نفسه فيها فرصة جميلة في إشباع حاجات المتطوع النفسية والاجتماعية وتعزيز ثقته بنفسه وقدراته. ولاشك أن الشعور المكتسب من خلال عمل الخير يعتبر هو السعادة الحقيقية في الحياة، لهذا يحثنا الدين الإسلامي على القيام بأعمال الخير لما لها من فائدة عظيمة في حياة الفرد وسبب في زيادة البركة في العمر والرزق والأولاد، إضافة إلى أنها نعمة عظمى للإنسان وسبب قوي للشعور بالراحة والهناء في حياته. ولهذا نريد من إعلامنا أن يولي اهتماماً أكبر للتطوع من خلال تسليط الضوء على أهمية ثقافة التطوع في المجتمع بالتعاون مع الجميعات الخيرية التي لها دور كبير في مجال الرعاية الاجتماعية والشركات الخاصة التي بادرت بتأسيس فرق تطوعية لتعزيز منظومة العمل والتنمية الاجتماعية من خلال متابعة أدائهم التطوعي وتكريمهم ونشر إنجازاتهم، خصوصاً أن رؤية السعودية هدفها رفع عدد المتطوعين من 11 ألفاً إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030.