فيما يحتفل المجتمع الدولي اليوم، باليوم العالمي للتطوع، طالب عدد من المختصين والمتطوعين بإيجاد مظلة رسمية دائمة للتطوع حفظا على حقوق المتطوعين وحمايتهم من استغلال طاقاتهم التطوعية لصالح الشركات والمؤسسات الربحية، بحيث تكون هذه المظلة بمثابة الرقيب المباشر على جميع الأعمال التطوعية وبمختلف مجالاتها. وربط المتحدثون ل«عكاظ» بين رقي المجتمعات وتطورها ومدى ممارستها للأعمال التطوعية، خاصة في ما يتعلق بالنهوض بالأفراد والجماعات والارتقاء بهم إلى مصاف التحضر والمدنية بمفهومها العميق، واستندوا إلى ما وصلت إليه بعض المجتمعات الأجنبية بعد تقنينها وترسيخها لثقافة العمل التطوعي. منظومة متناغمة وترى فريال الكردي أن التطوع خير مثال لإثارة أسمى مشاعر السعادة والحب بين البشر، مضيفة «التطوع في أعمال الخير سمة من سمات الشعوب المثقفة والمنتجة والراقية في تفكيرها ومعاملاتها وهو ما نحتاجه في مجتمعنا وبشدة خاصة في إدارة الكوارث وفي المواسم كموسمي الحج والعمرة»، مشيرة إلى أن أساس نظرية السلم الامتدادي ل«سيدني ويب» للعمل التطوعي هو تولي الدولة مهمة توفير الخدمة والرعاية للمواطنين مسبقا، فيما يتولى القطاع التطوعي استكمال النقص فيه وهو ما يعني أنها منظومة متناغمة بين الطرفين. وأضافت «لدينا عدد من المبادرات السعودية التي تثلج الصدر في هذا الجانب، فهناك الجمعية السعودية للعمل التطوعي (تكاتف) برئاسة الأميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز والتي أسهمت بقدر كبير في إرساء دعائم العمل التطوعي وتنظيم عمليات التطوع بين المتطوعين والجهات المستفيدة وغرس مفهوم المبادرة والشعور بالمسؤولية الاجتماعية، والحال نفسه ينطبق على جامعة الدمام التي واكبت النهوض بالعمل التطوعي عن طريق إنشاء وكالة التطوير وخدمة المجتمع بكلية التربية». وطالبت الكردي بتقنين وضع كافة الجمعيات المهتمة بالعمل التطوعي والمبادرات التي تصب في نفس الاتجاه تحت مظلة متخصصة تكون لها المرجعية والحاكمية في ذلك وتساعد الشركات والمؤسسات والجمعيات على التكاتف في شتى الميادين والقطاعات وتقوم في الوقت نفسه بتوزيع الأدوار كل حسب تخصصه، فالطالب والمعلم والمدير والموظف والعامل ورجال الأعمال والطبيب والمهندس وغيرهم.. كل منهم يملك طاقة يستطيع أن يفيد بها المجتمع. من جانبها، نوهت الباحثة عفاف آل حريد بضرورة تنوع أعمال التطوع التي من شأنها المساهمة في رقي المجتمعات وركزت على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه المرأة تحديدا في هذا الجانب، ومن ذلك تقصي أحوال الأسر والأفراد ذوي الحاجة وتقديم المساعدات لهم، والمشاركة في الأسواق والأطباق الخيرية التي يستفاد من ريعها في تموين المشاريع الخيرية وإقامة المحاضرات والدروس التوعوية إذا كانت المرأة من ذوات المؤهلات العملية المتخصصة. ثقافة واجبة ويقول شجاع القحطاني (الذي عاش فترة ثلاث سنوات في إيرلندا): «استغربت بداية وأنا أرى ذلك النظام الدقيق الذي يحكم حياة الشعب الإيرلندي فقررت أن أسبر أغواره.. حاولت بداية عمل مقارنة بسيطة بيننا وبينهم ووضعت أننا نتفوق عليهم بفطرتنا الإسلامية التي نظمت لنا كل جوانب حياتنا»، مشيرا إلى أنه خلص في نهاية المطاف إلى أن الشعب الإيرلندي جبل على التطوع من خلال عدد من منظمات المجتمع المدني التي جعلت من العمل التطوعي ثقافة واجبة على كل فرد، وأضاف «ليس بالضرورة هناك أن تراقب الدولة عمال نظافة فهي ليست بحاجة لذلك لسببين، الأول أن العامل لا يحتاج لمراقبة بحكم تنشئته التي تعود من خلالها على الصدق، وثانيهما أن ما من شيء يستدعي العامل لبذل جهد أكبر حيث إن أي إيرلندي لا يجرؤ أن يرمي أي مخلفات في غير الأماكن المخصصة لها». وتشير إيمان الهزاع (ناشطة تطوعية) إلى أن العمل التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الحكومات لوحدها لم تعد قادرة على سد احتياجات مجتمعاتها، مشيرة إلى أن عظمة العمل التطوعي تكمن في كونه ينبع من دواخل الإنسان دون أي إملاء أو تكليف من أحد وهو ما يسهل على القائمين عليه معالجة أغلب القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تستعصي على الجهات الرسمية، منوهة إلى أن العمل التطوعي وانتشاره في أي مجتمع أصبح دليلا على تطور هذا المجتمع مشددة على الدور الكبير الذي تضطلع به الجمعية السعودية للعمل التطوعي «تكاتف» في نشر ثقافة وتعزيز العمل التطوعي بالمملكة العربية السعودية وذلك من خلال انتهاجها لعدد من الطرق العلمية لتحقيق هذه الغاية، وطالبت الهزاع بضرورة تقنين العمل التطوعي بالمملكة تحت مظلة واحدة، حتى يؤدي دوره كاملا ويسهم بطريقة واضحة في النهوض بمجتمعنا الذي مازال يحتاج الكثير. مظلة رسمية للتطوع أما المتطوعة هبة ساعاتي من جدة فتؤكد احتياج المتطوعين والمتطوعات إلى مظلة رسمية للمتطوعين لمنع استنزاف الطاقات التطوعية أو استغلالها لصالح الشركات والمؤسسات الربحية، مشيرة إلى أهمية التفرقة بين المتطوعين والمنظمين لأن المنظمين يعملون بأجر على عملهم بالساعات أو بالأيام بينما المتطوع ليس له أجر إلا عند الله. ونوهت المتطوعة منى موناكو إلى أهمية نشر ثقافة التطوع وجعلها مادة تدرس وتطبق من ناحية التعليم وخدمة المجتمع، وطالبت بمنع استغلال التطوع في مصالح شخصية بهدف الربح، فلابد من وجود جهة رقابية وتنظيمية للعمل التطوعي. من جهته، أوضح صاحب فكرة حملة «وجها لوجه» ضد الإيدز محمد سندي أن ديننا الحنيف حث على التطوع وأن الله يجازي من يفعل الخير مهما قل بثواب عظيم، حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) وهناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث على التطوع ومساعدة الناس بأي نوع من أنواع المساعدة وأبسطها الكلمة الطيبة والنصيحة الإيجابية فعلى المجتمع ابتداء من الآباء والأمهات أن يغرسوا ثقافة العمل الخيري أو التطوعي في أبنائهم وبناتهم ودعمهم.