لم تعرِف مدينة الدمام المقاهي قبل مقهى «أبو حمراء» الذي افتُتِح كأوّل مقهى في الدمام في بداية الستينيات الهجرية من القرن الماضي، واستمر عقوداً من الزمن، ويجتمع فيه التجار والمتسوقون في سوق وسط الدمام أو ما يسمى بسوق البحرين قديماً، قبل أن يصارع البقاء بعد عقود من الزمن واختفاء أثره، ليعود من جديد عبر ساحة مهرجان الساحل الشرقي الخامس الذي أعاد بناء المقهى بطرازه القديم واجتمع فيه عدد من كبار السن ليعود بهم إلى الماضي الجميل. وما إن تكون قريباً من المقهى الذي أخذ مكاناً مميزاً ومقابلاً للبحر ولمرسى السفن، حتى تبدأ بسماع صوت «النهام» صالح العبيد، الذي أثارت أجواء المكان أشجانه وبدأ يلحن بما يعرف بألحان النهام المحملة بتراث عريق من البحر والناس تجتمع لتستمع لصوته وتوثيق ذلك بأجهزة هواتفهم الذكية، وما إن يختفي صوته، فإذا بعازف الناي صالح الشايع يستعرض مهارته في عزف مقطوعات بنايه العتيق وبصوت مزج بخبرة سنين طويلة، حيث جذبت تلك الأصوات المتنزهين وزوار المهرجان نحو مقهى أبوحمراء التراثي. ويتذكر النهام صالح العبيد أيام مقهى أبو حمراء واجتماع الناس فيه ودوره في خدمة المتسوقين والباعة في دكاكين السوق، ويقول بأن اسم أبو حمراء هو نسبة إلى صاحب المقهى الذي قدم من الحجاز وافتتحها في بداية الستينيات الهجرية، ولم يكن الناس يعرفون هذا النوع من المحال الذي خصص للجلوس فيه وتقديم الشاي والقهوة إلا أنهم سرعان ما اعتادوا عليه وأصبح مفضلاً عندهم بل كان أشهر المعالم في ذلك الحين، مؤكداً أنه مكان تاريخي يجب المحافظة عليه كتراث وإعادة ذكراه للأجيال المقبلة. وأضاف أن كثيرين من الجيل الحالي لم يعرفوا هذا المقهى ولم يسمعوا به وذلك بسبب تجاهل الإعلام له وعدم وجود من يهتم بإبرازه، قبل أن تعيد الهيئة العامة للسياحة والآثار هذا المقهى عبر مهرجان الساحل الشرقي الخامس الذي يستقطب آلاف الزوار، مشدداً على أن ذلك أمر في غاية الأهمية فهو تراث قديم يجب المحافظة عليه، مقدماً شكره لفرع هيئة السياحة التي بدأت في اتخاذ خطوات مهمة نحو المحافظة على التراث وإحياء الموروثات القديمة في المنطقة الشرقية. ويعود العبيد لتذكر شكل المقهى القديم ويصف موقعه بالموقع المتميز في السوق بين سوق «البحرين» والحلاقين والشارع الرئيس في وسط المدينة، وكيف كان يرد له التجار والمتسوقون من كل مكان حتى أصبح ملتقى ومجلساً لكثيرين منهم يحتسون فيه الشاي والمشروبات الباردة ويأخذون فيه فترة للراحة، ويتبادلون فيه الأخبار. ويشير النهام صالح العبيد إلى أن المقهى صارع البقاء فترة من الزمن بعد تحول فئة من الزبائن إلى أسواق أخرى، وقلّ عدد رواده حتى توقف وتمت إزالته، وأصبح مقهى أبو حمراء ذكرى لا يتذكره إلا القليلون من سكان الدمام ورواد المقهى من تجار ومتسوقين يردون إليه من خارج الدمام.