من قديم الزمان وفي المملكة من الستينات الهجرية وما قبلها خاصة في "الحجاز" عُرف "المقهى" أو "القهوة" مكاناً للنزهة والتقاء الناس طوال العام وفي المناسبات في رمضان والأعياد..قهاوي عديدة في مكةوجدةوالطائف كانت مكان التقاء "اسماء شهيرة" من الاعلاميين والأدباء أمس واليوم والمقهى العربي له تاريخه في مصر والشام والمغرب ودول الخليج. القهوة ربما كانت الظروف وراء قيام المقاهي بوضعها تلك الفترة في المملكة وتحديدا من أكثر من نصف قرن في مقدمتها عدم اتساع المنازل وزيادة عدد أفراد الأسرة الواحدة في المنزل وظروف الحياة تلك الفترة ومحدودية "الدخل" افرزت الحاجة إلى مكان يلتقي فيه "الناس" ويقضون فيه أوقاتاً للحديث والنزهة والالتقاء مع اصدقاء "عمل" وغير ذلك. لا .. للمقهى ونشأ جيل في الفترة ذاتها اعتبر أن "القهوة" تشكل خطورة على الشباب ويقول "القدامى" من اهالي مكة ان الأسباب تعود لعدم اختلاط الشاب صغير السن بمن هو أكبر منه لعدم معرفة من يرتاد المقهى وليس لأمر آخر يتعلق بالمقهى نفسه. داخل البلد كانت المقاهي داخل المدينة في مكةوالمدينةوجدة وبين المنازل في "الحارات" مساحة بسيطة يتم اعدادها بكراسي و"طربيزة" لوضع الماء والشاي عليها واستمر الأمر سنوات طويلة وقد خلت بعض الأمور في "اجلاء" بعض هذه المقاهي والابقاء على بعضها حسب مكانها لأسباب "التوسعة" أو لأسباب أخرى "اجتماعية" مستغلين ان هذه المقاهي تقدم "الشيشة" مما يؤثر على المجاورين لها من اصحاب المنازل واستمر عدد آخر هو الأكبر. في مكة عندما لاحت لدي فكرة الكتابة عن المقاهي باعتبارها عادة اجتماعية شهيرة اردت ان اعرف شيئاً عن المقاهي قديما فاتصلت بالأستاذ صالح ناضرين احد قدامى التربويين في مكةالمكرمة لمعرفة اعداد واسماء واماكن المقاهي في السبعينات الهجرية . يقول ناضرين من أشهر المقاهي في مكة قديماً قهوة "عبدالحي" في المسفلة بالقرب من بركة "ماجن" من اشهر من يرتادها الاساتذة عبدالله عريف - محمد حسين زيدان- عبدالرزاق بليلة - ويلتقي الناس فيها من بعد العشاء. ملعب للوحدة في تلك الفترة يقول ناضرين ان نادي "الوحدة" كان له ملعب هناك بجوار المقهى في المسفلة. في أحياء مكة وفي احياء مكة كانت هناك مقاهي ومنها مقاهي المريعاني في سوق الليل ، أبوسكر في الحجون، أبو فراج في جياد، وكانت هذه القهوة شهيرة بقراءة القصص والروايات المغتربة، قهوة السباعي في جياد، الشال في القرارة، السنوسي في الفلق ، بن صادق في القشاشية، عم عبادي في جرول، السليماني في الزاهر ، كتوعة في البيبان، الريس في سوق المعلا، البرج والعامودي في جياد، الغنام في شعب عامر، النحلة في شعب علي، الحدود سوق الليل، أبو سعدة وعدد من المقاهي في سوق المعلا. في جدة الزبيدي بجوار المظلوم ، بن زقر ، بشيبش في باب مكة، وغيرها. في المدينة في المدينة الحادي، النقادي، الحريقة، ومقاهي آبار علي الشهيرة وغيرها. حوض البقر حوض البقر هو الاسم السابق لحي "العزيزية" اليوم في مكةالمكرمة والذي يعد من أرقى ان لم يكن ارقى حي في مكةالمكرمة، والمعروف ان مقاهي مكة في اطرافها بدأت من السبعينات الهجرية في العدل والروضة والششة وحوض البقر ثم فترة لاحقة في "عرفات" ومن اوائل المقاهي في اطراف مكة مقهى "القطان" في اول العزيزية كازينو "القنيعير" في الششة وهو اول من قدم مشروبات غير الشاي مثل العصيرات والمثلجات - مقهى محجوب وكان في موقع مقابل للمدرسة العزيزية الثانوية اليوم - السيد سليمان- سالم القرشي- حمزة سليماني في العدل ثم في العزيزية. ضد الكسر ومن الاسماء التي كانت ترتاد مقهى الشربيني في العدل في السبعينات الهجرية الاستاذ الرائد ابراهيم خفاجي كلاعب كرة وكان يطلق عليه "ضد الكسر" وكذا صدقة سلطان ، فؤاد زبيدي، حسن نقيطي "حارس مرمى". شعيب ومن أشهر المقاهي قديماً في العزيزية في مكة "شعيب" الشربيني ، الطلاقي، الدخان. مقاهي عرفات كان هناك عدد من المقاهي في عرفات يرتادها الناس للنزهة في فترة ما قبل المغرب قديماً ومساءً وفي ليالي الاجازات حتى ما قبل 20 عاماً او أقل وكانت مكاناً لتناول الماء والمرطبات والطعام فترة الحج. في منى وفي منى كانت هناك مقاهي طوال العام ويستفيد اصحابها في خدمة الحجاج أيام الحج. غُرزة وكانت هناك في مكةوجدة ما يسمى "غُرزة" وهي مكان عمل الشاي دون أن يوجد بها مكان للجلوس وموجودة في الحارات. كازينو الشجرة في التسعينات الهجرية عُرف في مكة في حي العزيزية "كازينو الشجرة" وكان صاحبه الاستاذ ابراهيم خفاجي كان ملتقى ليلياً لطبقة "مثقفة" من طلاب الجامعات ورجال الاعلام افرز هذا المكان الكثير من المواهب والاعمال الفنية على مدى عقدين واسماء كثيرة اليوم من اساتذة الجامعات والاسماء المعروفة في المجتمع كانت تلتقي في بداياتها في كازينو "الخفاجي" بل ان العديد من الكلمات يقول الاستاذ ابراهيم كتبت من ظروف "الشجرة" وروادها. الطائف عرف اهل الطائف والذاهبون للمصيف من خارجه العديد من المقاهي هناك لالتقاء الناس ومن اشهرها "النجمة" ومقاهي في طريق الحوية وشهار والمثناة. الهدا ولعل الفترة الخصبة لمقاهي لقاءات الناس في مصيف "الهدا" كانت في التسعينات الهجرية بشكل يومي ايام الصيف خاصة في يومي الاجازة وشكلت الكثير من اللقاءات البريئة بين مختلف الطبقات. واليوم نادراً ما تجد مقهى في مكةوالمدينة في داخل الاحياء او منطقة "البلد" وان وجدت في جدة في الحي "القديم" التاريخي وغيره وربما كان وراء ذلك التوسعة واستغلال المساحات للاستثمار ووجود البديل في اطراف "المدينة" أماكن متسعة وجاهزيتها اكبر واستقر الأمر في مكة على كازينوهات في الخط السريع من مكة الى جدة تقدم إلى جانب الشاي والمرطبات مختلف الأطعمة. تقديم قهوة وانتشرت اماكن تقديم القهوة والشاي ومشروبات عدة "سريعة" بجوار المحطات وفي الطرق. المقاهي ولعل جدة نالت نصيب الأسد واستبدلت مقاهي الاحياء بمقاهي متطورة كبيرة منظمة مطلة على البحر للرجال والسيدات اصبحت ملتقيات يومية لمختلف الطبقات الاجتماعية "اعمال، اعلام، طلبة جامعات، مختلف المهن والأعمال" وتقدم فيها خدمات متميزة وجيدة إلى جانب مقاهي اخرى هي في الواقع "مراكز" للخدمة في "ذهبان" وطريق المدينة. في مصر والشام والخليج ولعل المقهى تقليد "عربي" عرف منذ القدم في مصر بمقاهي الحسين والفيشاوي والحرافيش ومقهى مترجي كان من رواده العالم محمد عبده وحافظ ابراهيم ومقاهي الاسكندرية ومقاهي الشام والحكواتية وفي دول الخليج عُرف المقهى منذ عشرات السنين ولا يزال وكذا في اليمن وغيره يؤدي وظيفة اجتماعية هي التقاء الناس للنزهة في الدرجة الأولى ويرتادها أدباء فنانون ، مثقفون كبار، مختلف الطبقات. مقاهي طريق المدينة وعند الحديث عن "المقاهي" لا بد من الاشارة لمقاهي الطريق من مكة او جدة للمدينة المنورة والتي استمرت سنوات طويلة ولا زالت وان تقلص العدد اليوم تقدم خدماتها لرواد الطريق طوال العام بل طوال ساعات اليوم للشاي والطعام وتحديداً "السمك" والاطعمة الأخرى وكانت في الماضي تلحق بها غرف "للعوائل" لكن هذه المقاهي لم تعد بالشكل المطلوب من حيث النظافة والعناية رغم انها احد الواجهات للزوار والحجاج. المقهى لكن وظيفة المقهى القديمة لا زالت وهي مكان الاحاديث المختلفة في هموم الحياة والاحاديث الخاصة وبقاؤها مظهر حضاري مطلوب وارتقت النظرة للمقهى واصبحت ملتقى للجميع وبعض "النخب" في كثير من المجالات.