ليس من باب المصادفة أن يجمع المشاركون في ملتقى دارين الثقافي الثاني على التميز الكبير لنادي المنطقة الشرقية في حسن التخطيط والقدرة على التنظيم بشكل لافت، هذا التميز لم يأت من فراغ، بل جاء عبر جهود موفقة، وعمل دؤوب متواصل، يرتكز على رؤية دقيقة لدور النادي الثقافي، وهدف واضح عمل الجميع من أجل تحقيقه. بدأت أعمال ملتقى دارين الثقافي الثاني تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز – أمير المنطقة الشرقية – بعنوان: «المؤسسات الثقافية الأهلية والخاصة: المنجز وآفاق المستقبل» لم يكن الملتقى هذا العام محليًا بل استطاع النادي أن يجعله عالميًا من خلال مشاركات عربية تمثلت في البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وتونس والجزائر والمغرب والأردن، وكانت «طاجيكستان» ضيف الشرف للملتقى، حضر سفيرها «ضراب الدين القاسمي» حفل الافتتاح، وألقى كلمة رائعة باللغة العربية، تحدث فيها عن عمق العلاقات بين بلاده والمملكة وعن أهمية الدور الثقافي، وختمها بالدعوة إلى زيارة بلده. حضر متحدثون من اليابان حيث شاركت «كوادا نوكو» من اليابان بورقة بعنوان: «مؤسسة موتو كاناكورا لثقافة الصحراء في اليابان» وشارك «ماء العينين ماء العينين»من إسبانيا، ومن السنغال شارك «فاضل غيي» الذي قال إن اللغة العربية كانت لغة السنغال قبل الاستعمار الفرنسي، وشارك رؤساء الأندية الأدبية في المملكة، إضافة إلى عدد كبير من المجالس الأدبية والثقافية، بعضها لديها تجارب طويلة ممتدة، وبعضها ناشئة، قدمت تجاربها، حتى إن بعضها قال إن المجالس الأدبية أضحت تزاحم الأندية الأدبية أو تتفوق عليها في برامجها وقدرتها على الحركة والإنجاز، بينما قال آخرون إن بعض هذه المجالس مهددة بالانتهاء بمجرد ذهاب أصحابها القائمين عليها، ولكن شواهد قائمة أثبتت أن ثلوثية العلامة حمد الجاسر، وأحدية الدكتور راشد المبارك، وأحدية الشيخ أحمد بن علي المبارك وغيرها لا تزال قائمة. من بين المداخلات أن المجالس والصالونات في السنوات العشر الأخيرة ازدادت بهدف الوجاهة، وتحدث آخرون عن الصالونات النسائية، واستعرضوا بعضا منها سواء في المملكة أو خارجها. استعرض رئيس نادي أبها الأدبي تجربة النادي في تأسيس عدد من اللجان الثقافية للنادي في المحافظات، وقال إن لها برامجها واستقلاليتها المالية، وأن النادي يقدم لها الدعم المادي والفني لتقوم بدورها، لكن هناك من تحدث عن وجود جفوة أو فجوة بين مجلس رجال ألمع الثقافي واللجنة الثقافية بمحافظة رجال ألمع، فهل سيتم ردم هذه الفجوة لتزول الجفوة، وتتضافر الجهود من أجل منجز ثقافي راق. كثير من التجارب التي قدمت في الملتقى تستحق التوقف، ووفقت إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي في حسن اختيار الشخصيات التي أدارت جلسات الملتقى، لما تتحلى به من حضور رائع وقدرة عالية في ضبط الوقت، وإدارة النقاش بشكل موضوعي منظم. كانت ورقة الدكتورة نور الهندي – من المملكة الأردنية الهاشمية – من بين أهم الأوراق التي قدمت في الملتقى، وعنوانها: «الإطار القانوني لمؤسسة عبد الحميد شومان الثقافية الأردنية». بعض المنتسبين إلى مجالس أدبية أو صالونات في المملكة يرون أن وضع إطار قانوني سيكون سببا في تقييد برامجهم وأنشطتهم، ولعل هيئة الثقافة تلفت إلى تنمية هذه الصالونات المجالس وتطويرها لتكون رافدًا ثقافيا حقيقيا يسهم في الوعي العام، ويكون علامة بارزة في برنامج التحول الوطني. أدار الدكتور سعيد عطية أبو عالي الجلسة الخامسة، وكان حازما في إدارة الوقت، وأتاح الفرصة لعرض جميع المداخلات المقدمة، التقيته في اليوم الأول وفي حديث جانبي قال مستذكرًا حديثا سابقًا له: «تركتُ الوظيفة ولم أترك التعليم» فأعادني بحديثه الرائع عن التعليم إلى قول سابق لي: «غادرت مهنة التعليم ولم تغادرني». ارتجل الدكتور عبد الرحمن المديرس – مدير عام التعليم بالمنطقة الشرقية – كلمة قصيرة رائعة عن دور الثقافة وأهميتها وختمها برغبة إدارة تعليم المنطقة عقد شراكة حقيقية مع نادي المنطقة؛ لتحقيق أهداف مشتركة. اختتم النادي الملتقى بتنظيم رحلة بحرية تخللها غداء بمشاركة متميزة لفرقة دارين للفنون، وجادت قريحة «ماء العينين ماء العينين» بقصيدة عن دارين، وفي حفل الاستقبال الرائع الذي أقامه أهالي الجزيرة قدموا هدية تذكارية لمسؤول الثقافة الطاجيكي، وألقى خليل الفزيع قصيدته الرائعة «دارين» وكان لحضور الدكتور عبد الرحمن العاصم – المشرف على وكالة الوزارة للشؤون الثقافية – أثر كبير على الملتقى الذي حرص على حضور جلساته وفعالياته. وقفة: الكلمة الرائعة لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف في استقبال المشاركين بمجلس سموه الأسبوعي تعد بحق شهادة كبيرة من سموه لنادي المنطقة الشرقية الأدبي ومجلس إدارته.