تأسس نادي المنطقة الشرقية الأدبي – منذ ما يزيد على ربع قرن – بموافقة سامية في عام 1410ه، كان النادي في بداية تأسيسه طموحًا في الوصول بأنشطته إلى محافظات المنطقة، ففي عام 1414 ه أقام النادي أمسية أدبية في مسرح مدرسة موسى بن نصير بإسكان قوى الأمن الداخلي بحضور رئيس مجلس إدارة النادي الأستاذ عبدالرحمن بن عبدالكريم العبيد – يرحمه الله – ونائبه الدكتور سعيد عطية أبو عالي – أطال الله في عمره – وشاركهما الشاعر والأديب والسفير الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك – رحمه الله – والشاعر خالد الحليبي – كان في وقتها شابًا -. كانت الأمسية رائعة، حضرها محافظ الخفجي السابق – خالد العطيشان – وقاضيها – الراحل – عبدالرحمن بن حسن – يرحمه الله – وهو شاعر شغوف بالأدب، وحضرها جمع من أهالي المحافظة وشبابها من طلاب المرحلة الثانوية. أذكر أنني تحدثت – مرتين – مع الأستاذ خليل الفزيع – رئيس مجلس إدارة المعين – في أن يخرج النادي بأنشطته إلى محافظات المنطقة، وقد أبدى قناعته بأهمية توسيع أنشطة النادي، ورغبته في إقامة مناشط في المحافظات، ومضت الأيام والسنون ولم تتحقق تلك الرغبة – ربما لظروف خاصة بمجلس الإدارة المعين – وما تزال تلك الأمسية الأدبية للنادي يتيمة في محافظة الخفجي. عاد النادي إلى نشاطه بعد عودة مجلسه المنتخب بحكم قضائي بافتتاح موسمه الثقافي تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز – أمير المنطقة الشرقية -. وأحسنت إدارة النادي في تكريم الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري الذي أضاف بحضوره وبمحاضرته جوًا أدبيًا وثقافيًا رائعًا على مدى يومين؛ حيث شارك في حضور ملتقى الكتاب السعوديين – الثاني – في جلستيه النقاشيتين، واستمع إلى التوصيات العامة، وكان حديثه في نهاية الملتقى مسك ختام رائعاً، ووعد الحضور بأربع مقالات متتابعة يسلط الضوء فيها على ما دار في محوري الجلستين، وما تبعهما من مداخلات ونقاشات، وترك لنا ترقبها في مجلة اليمامة أو المجلة العربية أو في سبتيته في صحيفة الجزيرة. سبقني كثير من الزملاء المشاركين بالكتابة عن الملتقى، وأجادوا في بيان نجاحه وتميزه، وما أثير حول محوريه الرئيسين من نقاشات جادة، وعرجوا على توصياته المهمة، وأبدعوا في حديثهم عن زيارة جزيرة دارين، واحتفال أهلها الرائعين بجوار أطلال قلعة الفيحاني التي ما زالوا ينتظرون وعد الهيئة العامة للسياحة والآثار بترميمها منذ سبع سنين. في الأيام الماضية افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز مبنى النادي الأدبي في حائل، الذي جاء هدية لأهالي المنطقة من رجل الأعمال الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد، وبلغت تكلفته أكثر من ثلاثة وعشرين مليون ريال. أنجز مشروع نادي حائل الأدبي في ثلاثين شهرًا، وتزامن افتتاحه مع ملتقى حاتم الطائي الدولي – الثالث – الذي أقامه النادي، واستمرت جلساته على مدى يومين، وشاركت فيه دارة الملك عبدالعزيز؛ لتسلط الضوء على تاريخ الملك المؤسس الذي خصصت جلسات الملتقى للحديث عنه – رحمه الله – في الأدب والشعر العربي. في مثل هذا الشهر من عام 2006 افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، ويعد مبناها تحفة معمارية معبرة عن علاقة وطيدة بالكتاب، وهي من بين المشاريع الثقافية الكبرى التي جاءت تبرعًا سخيًا من رجل الأعمال الكويتي الشاعر عبدالعزيز البابطين. في مصر تؤدي الهيئة العامة لقصور الثقافة دورًا كبيرًا في تقديم الخدمات المختلفة لفئات المجتمع عبر قصور الثقافة المنشرة في المحافظات، وتعود نشأة الهيئة إلى عام 1945 تحت اسم الجامعة الشعبية، وهي إحدى المؤسسات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة. تم وضع حجر الأساس لمشروع مقر نادي المنطقة الشرقية الأدبي منذ سبع عشرة سنة تقريبًا، ولكنه ما يزال مشروعًا متعثرًا، ليس بسبب مقاول غير مؤهل، بل بسبب عجز مالي يعانيه النادي على مدى كُلِّ هذه السنين يتمثل في ستة ملايين ريال منها مليون لإتمام مبنى النادي وتأثيثه، وخمسة أخرى لبناء قاعة المحاضرات وتأثيثها وتجهيزها بالمقاعد وغرفة التحكم والديكورات اللازمة. لعل وزارة الثقافة والإعلام تبادر بتوفير الدعم المالي للنادي في هذه المرحلة؛ ليتمكن من إتمام وتهيئة الوعاء الحاضن لأنشطته، ويقدم خدماته لأبناء المنطقة في ظل نظام الأندية الأدبية الجديد. وقفة: هل يعاني كثير من رجال أعمال المنطقة الشرقية المنتسبين لغرفتها من قصور الثقافة في دعم الأنشطة الأدبية والثقافية، وتسجيل مبادرات خاصة بهم في هذا الجانب المنسي؟