لو قيل إن الشمس قد حجبت عن الأرض الضياء، أو إن الكائنات لن تستنشق الهواء بعد اليوم، والقمر لن يأوي إلى محرابه عاشقو التأمل في سكينة ليطبعوا القبلات على جبينه، لو قيل إن ألوان الربيع قد أصابها الجفاف وأسدل الخريف جدبه على ضفائر الصفصاف في دورةٍ للفصول الدائرة، لو قيل إن الليل كفَّ عن تعقُّب النهار في انشطارٍ عن نواميس الحياة، والفلك قد جفَّ ماؤه الهدّار وتشحّط بين قيعان الضنى ودنا للدرك أسفل سافلين في لحظةٍ عابرة، لو تراجع العصفور عن تغريدة الصباح عن امتطاء مركب الرياح في البراح، لو قيل ما قيل عن تساقط النجوم بين حبَّات الرمال وتمرّغ الغصن البهي بين أعتام الثرى مغشياً عليه تسبق الخُطى في تواثبٍ إليه ذو مخافة فترمق العرافة بعين زرقاء اليمامة كي تحقق كي تدقق باحثةً فيمن حوله ومن لديه لا شيء هناك سوى التخلي المحموم في تصحّر الثلوج بالفيافي الشاردة بين جنبات البرايا، قد تعلم الحبو الوئيد وتأقلم منذ أن صار وليداً في متاهات الدروب والرياح السافيات حاصرته بالهبوب من كل صوبٍ جامحٍ مُصوِّباتٍ نحوه سهامها، وتعالت الأنّات والصيحات بالأوجاع الكاسرة، لو قيل ما قيل لن أًصدق تخلي شجرة الزيتون عن ظلالها عن فروعها عن حمل الثمار عن بسط أوراق الحمى عن دحر هبّات الغبار في حقبةٍ أُريد من ذراعها المؤازرة، أيتها الكائنات أيتها الشجرة أيتها النجوم والبحور أيها القمر والليل والفلك والعصفور، لو قيل ما قيل يا شمس وكان الظل على الأرض الدليل فمستحيلٌ مستحيل أن تكوني للأماني قابرة، قبّح الله تقديس التي كانت بالتخلي عن معانيها الرحيمة جائرة.