كانت مفاجأة سارة تلك التي حملتها زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد نهاية الأسبوع الماضي، بعد فترة برود أعقبت الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين البلدين. زيارة تزامنت بمحض الصدفة ربما مع احتفالات دولة الكويت بذكرى التحرير، وهو ما يحمل بين سطوره عديداً من الرسائل حول طَي صفحة الماضي ورغبة مجلس التعاون بعودة حقيقية للعراق إلى حضنه الخليجي والعربي. لكن المهمة ليست سهلة مع الأسف الشديد، فربع قرن من الغياب السعودي عن المشهد العراقي، أسهم في إتاحة المجال أمام كل من سولت له نفسه الاصطياد في المياه التي عكرت صفوها عديد من المتغيرات السياسية في الإقليم، ولَم تعد الزيارات المتبادلة والتصريحات الدبلوماسية قادرة لوحدها على رأب الصدع بين البلدين الشقيقين. في الكويت وتحديدا في أعقاب الغزو الصدامي، وأسميه صدامياً لأنني أعرف أن العراقيين لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الخطوة التي طعنت العروبة في مقتل، أقدم مجموعة من المثقفين الكويتيين والعراقيين على إنشاء جمعية الصداقة العراقية – الكويتية، التي كان هدفها العمل على تنشيط الدبلوماسية الشعبية بين البلدين، وإحياء ما انقطع من روابط بسبب ذكريات الغزو الأليمة. عندما كنت في الكويت، سعدت بحضور نشاطاتها وتغطية بعض فعالياتها، التي تراوحت بين ندوات ومؤتمرات، فضلا عن حفلات موسيقية فلكلورية وأمسيات شعرية؛ حيث كان يرأسها آنذاك الكاتب والشاعر العراقي المعروف زهير الدجيلي الذي اختار الإقامة في الكويت حتى وافته المنية في مثل هذا الوقت من العام الماضي. أعتقد أن الدعوة باتت مناسبة اليوم لإنشاء جمعية مماثلة يشرف عليها عدد من النخب وقادة الفكر في كل من السعودية والعراق، لقطع الطريق أمام المتربصين من الطائفيين وأصحاب الحسابات المجهولة الساعين إلى بث سمومهم ودق الأسافين بين شعبين يحسب لهما ألف حساب في المنطقة. ولا أخفيكم سراً بأنها البداية فقط؛ لأننا بعد مآلات الربيع العربي بتنا نحتاج إلى العشرات من جمعيات الصداقة العربية – العربية؛ لننهض بهذه الأمة من براثن الوهن الذي أصابها، ولن تسهم سوى الشعوب الواعية في إيجاد الترياق المناسب للقضاء عليه.