اتفق مشاركون في ملتقى حواري، شارك فيه ثمانون إعلامياً من المنطقة الشرقية، على أن الإعلام هو السمة المميزة للعصر، وأن تأثيره في الحياة أضحى طاغيا، لا يمكن تجنبه. وأوضح المشاركون أن الإعلام بات صانعاً للعقول، يحركها إلى حيث يشاء، عبر صنع الأحداث، والسير بالشعوب والدول، يدفعها للتقدم، أو يسحبها للوراء. وطرح الملتقى الحواري، الذي نظمه شباب الإعلام في المنطقة الشرقية، تحليلا للخطاب الإعلامي، والعديد من القراءات الفكرية، التي تجسد واقع الإعلام، مع استعراض بعض جوانبه، المتعلقة برسم سياسته، وصياغة أهدافه. وعقد الملتقى، الذي استضافته جامعة الدمام، أمس الأول، بحضور مدير مجمع تلفزيون الدمام المذيع سعيد اليامي، وعدد من الأكاديميين، وكتاب رأي ومراسلين في صحف محلية. وقدم ضيف الملتقى سعيد اليامي جوانب من مسيرته في مجال الإعلام المرئي، استهلها بالحديث عن فترات متفاوتة رسخ من خلالها حضوره الإعلامي عبر البرامج، التي كان يطرحها عبر القناة الأولى، وتجربته مع مفهوم الإعلام الحربي، وصناعة الإعلامي، في مثل هذه الظروف، خاصة تجربته مع حرب الخليج، وتغطياته لوقائعها في أماكانها. وتناول اليامي، في جانب من حديثه، تجربته في مفهوم التخطيط الإعلامي، وقال عنه إنه السمة المميزة للحياة، حيث يمثل حشدا لكافة الطاقات الإعلامية، البشرية والمادية، وكافة المؤسسات الإعلامية الجماهيرية والشخصية. وأوضح المشاركون في الملتقى أن الإعلام يرسم ما يمكن أن نطلق عليه الخريطة الإدراكية الوجدانية للشعوب، وبسببه تبرُزُ شعوب مستنيرة متكاملة الشخصية، لها فعالياتها، وتحقق ذاتها، ووجودها، محذرين من من الإعلام، الذي يصنع خواء وجدانيا وإدراكيا، نتيجة ضغوطاته وتوجهاته، التي تسعى إلى تجريد الأفراد من هويتهم، وانتماءاتهم، وقيمهم، ومعتقداتهم، وثقافتهم الذاتية. وطالبوا المجتمعات بإدراك ما يقوم به الإعلام الكاذب من نشر الضلالات وأساليب إثارة للغرائز، باعتماد أسلوب المخادعة والتزييف والإيهام، حيث يعتمد البعض نشر الأخبار والمعلومات الكاذبة، التي تثير الغرائز، وتزيد الحقد، فيكون نتاج ذلك انحطاطا في مستوى الناس، وتشيع بينهم عوامل الفرقة والتفكك، لخدمة أعداء الأمة. واستعرض المشاركون العلاقة الوثيقة بين لغتي الإعلام والحضارة، من خلال استقراء التاريخ الإنساني، مؤكدين أن الإعلام فن حضاري بالضرورة، يتصل بأسباب الحضارة، وينتشر بازدهارها، على البيئات القبلية أو القروية، التي تعتمد على اكتساب المعرفة بالاتصال الشخصي المباشر، بعيداً وسائل الإعلام الحديثة، ولهذا يغدو الإعلام، طبقاً لمقتضيات نمو المجتمعات، وتنوع تخصصاته، وتعقد مشكلاته، ضرورة حتمية، بعيدة عن الخبرة الفردية المباشرة، وصولاً لصياغة معرفية واقعية علمية، بحيث لا يقع المجتمع في مجال الرؤية المباشرة لأحد، أو يلجأ إلى مفهوم يفهمه بعض الناس، ولا يفهمه آخرون. وقالوا إن لغة الإعلام، بهذا الشكل، تصبح لغة حضارية، تسعى للشرح والتفسير، والتكامل الحضاري، باعتبارها من أهم وسائل صوغ الفكر العالمي ونقل المعلومات في المجتمع البشري، وبهذا يتأكد بأن الحضارة العصرية تبنى وفق عالم اللغة، التي تحمل وجهات نظر، وأحكام مسبقة، ضد وجهات نظر أخرى.