لا يمكن حصر الوقت الذي تقضيه كثير من مجموعات الواتسآب وغيرها من الجروبات الافتراضية في الثرثرة، وقد لا تندهش عندما تترك الجوال لوقت قصير وتعود لتجد مئات الرسائل في انتظارك، أو عندما تجد نفسك مقحما في إحدى هذه المجموعات دون استئذان أو أي طلب مسبق منك، وما عليك سوى القبول بالقراءة أو التجاوز والانسحاب ومغادرة هذه المنطقة الجديدة في الحوار التي تستنزف من الوقت كثيراً عند المتابعين والمتتبعين للواتسآب، الذي حقق الصدارة في عدد المستخدمين لهذا البرنامج الذي يمكن أن يتم استغلاله بشكل مميز في الجروبات التعليمية والثقافية والعلمية والطبية والأسرية بعيدا عن الثرثرة التي تستمر على مدار 24 ساعة، وتشعر من خلالها أن هذه المجموعات تدور في حلقة مفرغة من القص واللصق والتكرار والاستظراف وتكريس الأفكار نحو طريق واحد لا يحقق أي فائدة. وفي جولة سريعة في تشكيل مجموعات الواتسآب قد تجد عديداً من الأنماط التي اجتاحت عالمنا الافتراضي، فبعضها مختص بالأسرة أو بالعمل أو بالمهن أو بالفكر والثقافة أو بالصحة، وفي كل الأحوال قد تصادف عديداً من الشخصيات متعددة الاتجاهات والميول، بينما قد تعجز عن ردع حالة الثرثرة اللامنطقية التي تجتاح هذا العالم وتظل تنقب بين الرسائل على فائدة مرجوة يمكن أن تحقق لك أي نوع من التطور الفكري والاجتماعي والثقافي، في حين قد تجد عديداً من المجموعات المنظمة والمنضبطة بقيادة واعية تقدم لك الفائدة، وتستثمر آلاف الرسائل في خلق حالة من التلاقي المنضبط الذي نحتاج إليه من استغلال مثل هذه التقنية الحديثة في تطبيق الفعل الحضاري للسلوك الإنساني الاجتماعي الذي يمكن أن يتم من خلال إدارة واعية وشروط وقوانين منظمة لكافة المشاركين، مع إيضاح أهداف المجموعة والقوانين المنظمة للحوارات التي تتم خلالها، تقوم على الرقابة ومنع الإسفاف وإهدار الوقت، مع أهمية العمل على وضع آداب لتهذيب هذه التقنية لصالح المجتمع، فقد أكدت دراسة قدمها الباحث السعودي عيسى المستنير على أن هذا الواتسآب هو التطبيق الأول لدى جميع أفراد العائلة الصغيرة، والممتدة في بيئة افتراضية واحدة وبيئة اجتماعية إلكترونية مناسبة لتبادل أخبار العائلة والأقارب، وأنه ساعد في تجاوز حاجز الزمن للحوار بين أفراد الأسرة، بينما انتقدت الدراسة إشكاليات التواصل الكتابي والنصي الذي أضعف من عملية التواصل وجهاً لوجه بطبيعة الحال، بحيث أن النص هو مادة جافة تفتقد لتعابير الوجه ونبرة الصوت وحركات الجسد؛ فلذلك تستعيض عنها هذه التطبيقات بالوجوه التعبيرية للتخفيف من هذه السلبية. وبالتالي يمكننا القول إن جميع هذه المعطيات يمكن أن تخلق لدينا عديداً من الأفكار الفاعلة في تنظيم الثرثرة الافتراضية وتوجيهها نحو خدمة المجتمع، من خلال خلق برامج تدريبية وتثقيفية تستغل الوقت المهدر في هذه المجموعات في التعليم، والتسويق، والتدريب، وإدارة بوصلة الوقت نحو المصلحة الإنسانية والاجتماعية، واتخاذ كافة التدابير والأفكار الجديدة لخلق بيئة ابتكارية إبداعية تستغل هذه التقنية، وتطوعها لصالح الإنسان بما يحقق له الفائدة المرجوة من عدد الدقائق المهدرة يوميا التي تذهب سدى دون أي تفكير في استثمارها بالشكل الأمثل.