النقلة النوعية التي اجتاحت العالم في تناقل الأفكار والحوارات وتبادلها عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي كان «لتويتر» دور كبير فيها، حيث من خلاله أصبح أصدقاؤك في العالم بين يديك وفي كل وقت، وذلك بسبب النقلة الكبيرة في عالم التقنية الحديثة، وسبقه «فيسبوك» تلك القنبلة المدوية التي دوت في أرجاء العالم قبل أن يسحب «تويتر» البساط منه، حيث يسارع الملايين من الناس في مختلف دول العالم إلى التسجيل فيه لنشر إبداعاتهم وهواياتهم ومنتجهم الفكري، بعدها توالى استحداث برامج جديدة للتواصل الاجتماعي الكثيرة التي كان من أهمها «الواتساب» و»كيك» و»انستجرام» وغيرها من برامج العالم الافتراضي العديدة التي يستخدمها كثيرون في تواصلهم الاجتماعي. ما نحن بصدده في هذا المقال هي تلك العصفورة الزرقاء الصغيرة التي شكلت فضاء رحبًا لا حدود له، يُغرد من خلالها مئات الملاين من الناس كل يوم، وينشرون همومهم وتطلعاتهم وآراءهم عبر هذه الوسيطة، وقد شكلت تلك العصفورة إنقاذاً كبيراً لكثير من الناس في إيجاد مكان آمن وسهل لهم في استخدام وتبادل رسائلهم وما يدور بداخلهم، وقد يتنوع خطابهم ما بين الإيجابية والسلبية وبين التشكيك والدخول في الذمم وبين السب والشتم وغير ذلك. «تويتر» أصبح من الضرورات التي لا يمكن لأحد أن يتجاهله حتى ولو لم يشارك فيه باستمرار، فهو الذي يربطك بالعالم الخارجي من خلال المتابعين، والتفاعل مع أولئك المتابعين من مختلف دول العالم ومع مختلف التوجهات الفكرية والثقافية من خلال تبادل التغريدات والمقالات والبحوث والتعرف على آخر الأخبار وغيرها، حتى أن «تويتر» ساعد كثيرين على التمرس بالحوار والتحاور وفتح المجال أمامهم لينثروا إبداعاتهم التي بداخلهم التي لم يستطيعوا إيصالها من قبل للناس عبر أي وسيلة من الوسائل الإعلامية التقليدية القديمة بسبب الهيمنة والسيطرة من المتنفذين على تلك الوسائل، إذاً «فتويتر» أصبح ذا قيمة عالية وفاعلة في التواصل الاجتماعي بين الناس بسبب ما يقدمه لهم من خدمات مجانية وسريعة من أي وسيلة إعلامية. كانت بداية «تويتر» مماثلة لأي وسيلة جديدة تظهر على المجتمع لها المؤيد ولها المعارض وهناك المحايد، لذلك كانت مشاركة أغلب العموم فيه هي التي جعلت من بعض المفكرين والمثقفين يحجبون عن المشاركة فيه بسبب اللغة الغوغائية التي استخدمها البعض في بداية ظهوره آنذاك، حتى أن هناك من أراد استغلاله كوسيلة لنشر فكره وإيصاله إلى أكبر شريحة ممكنة، وهناك من فشل في إيصال فكره وعدم قبول كثيرين له ربما لأنه من الفكر المتشدد أو الأحادي الذي لا يقبل الحوار والتحاور ويعود ذلك لزيادة الوعي لدى كثيرين مما كان لها الأثر الكبير في عدم قبول بعض الأفكار المتشددة أو التي تدعو إلى التحلل من القيم والأخلاق، وبالتالي لم يستطيعوا بناء قاعدة لهم في» تويتر» بسبب فشلهم وانكشافهم أمام الآخرين فقلّت مشاركاتهم وتفاعلهم حتى أن بعضهم هجر «تويتر» نهائياً ، كذلك الغوغائيون الذين لم يكن لهم أي مشاركات إيجابية وإنما فقط تتبع البعض والرد عليهم بردود سيئة حيث كانوا يشكلون ضغطاً على الآخرين من خلال ردودهم الساخرة واستهتارهم ببعض الرموز الدينية والفكرية والثقافية الكبيرة لذلك قلّت مشاركاتهم فيه وأصبح فضاء» تويتر» ألطف وأفضل مما كان عليه من قبل، وبدأت تغيب عن أنظارنا تلك الحوارات السيئة بين بعض أصحاب وأتباع التيارات الفكرية والمذهبية التي كانت مصدر إزعاج للآخرين، لذلك فإن «تويتر» من وجهة نظري يعيش الآن وبعد ثماني سنوات من عمره فترة نضوج فكري وثقافي متنوع، حيث أصبحت لغته أرقى وأفضل من السابق بكثير عما كان عليه من قبل. نعم هناك من يستخدم أسماء مستعارة ويبدأ يبث حقده على الدولة ويحاول تهييج الرأي العام عليها من خلال الأكاذيب التي يفتعلها والأراجيف التي يبثها، وهذا مشاهد عبر مشاركتهم في بعض «الهشتاقات» حيث يبثون سمومهم وأحقادهم من خلال مشاركاتهم، وهناك من يقوم بمحاولة اختطاف فكر شبابنا عن طريق» تويتر» إلا أن هذه المحاولات أصبحت أكثر فشلاً من السابق بسبب الوعي الكبير الذي وصل له أغلب شبابنا وخاصة الناشطون منهم في «تويتر» . و «لتويتر» مزايا كثيرة ساهم فيها بشكل كبير وفعال فقد فتح المجال لكثير من الأشخاص أن يبرزوا من خلاله وهم من فئة الشباب حيث أصبح بعضهم من رواد الفن أو الثقافة أو الدعاية لأنهم نثروا إبداعاتهم وهواياتهم أمام الناس وعرفهم الجميع وأصبح بعضهم مشهوراً من خلال ما يملكونه من موهبة، كذلك من الجانب الآخر فإن «تويتر» كشف لنا ضعف من كنا نظنه في السابق من أحد الرموز والقامات الثقافية وذلك من خلال مشاركاته وردوده الضعيفة وضيق أفقه وضعف تفكيره، مما جعل أغلب المتابعين يعيدون النظر في شخصيته وفي منتجه سواء كان ذلك المنتج فكريا أو إعلامياً. إذاً «تويتر» والعالم الافتراضي بشكل عام شكّل علامة فارقة في إبراز ورفع اُناس جدد من فئة الشباب الذين أصبح لهم صدى إعلامي ومتابعة كبيرة من الآخرين لم نكن نعرفهم من قبل، بسبب أن «تويتر» متاح للجميع وليس عليه سلطة الإعلام التقليدي القديم، فقد أبرز أناسا وأضعف آخرين، وتبدلت المواقع والمراكز كثيراً بين مختلف فئات المجتمع المتنوعة فكرياً وثقافياً ومذهبياً، حيث أصبحنا نرى نجوماً صنعهم «تويتر» أو العالم الافتراضي مشهورين على شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام المتنوعة. وهنا أدعو شبابنا بتوخي الحذر من بعض الحاقدين علينا وعلى دولتنا وأن نفوت الفرصة عليهم بعدم التعامل معهم أو فسح المجال لهم بنشر فكرهم المخالف لعقيدتنا وثوابتنا الوطنية في «تويتر» أو أي وسيطة من وسائط التواصل الاجتماعي. ختاماً هذه الشبكة الاجتماعية لعبت دوراً كبيراً في تغيير الذهنية إلى الأفضل من خلال التواصل والإبداع والتعرف على مزيد من الأصدقاء والاستفادة مما يُطرح فيه من مواضيع فكرية وسياسية وغيره، وأصبح الجميع في حاجة له للتعرف على ما يدور في العالم من أحوال وأخبار وفكر وثقافة، لكن يبقى السؤال الأهم الذي يدور في أذهاننا وهو: هل مازال بيننا من يتحدث عن حجب وسائط التقنية؟ أم أن فكرة الحجب والمحاصرة تراجعت لحساب رفع مستوى الإحساس بالمسؤولية لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها «تويتر» مما ينعكس على نوعية مشاركاتهم وطبيعة الأفكار التي يعبرون عنها، أنا هنا أتساءل وأترك الإجابة للقارئ الكريم.