لقد سقط كثير من الشباب أمام الفكر التكفيري، وتعرضوا لعملية غسل للأذهان، يقومون بالقتل وبسفك الدماء باسم الدين، فأي شرع وأي دين يقر ذلك الفعل؟ بل أي قيم وأعراف تقر ذلك السعار الجسدي؟ الأمر جد خطير ولا يمنع هذا الخطر إلا المواجهة بالحوار الصريح والعلم الصحيح. تكفير وقتل وتفجير وترويع آمنين ونشر فساد، كل هذا باسم الدين، والدين بريء مما يفعلون. أصبحنا في أمس الحاجة لتعزيز الأمن الفكري لدى شبابنا، فهو ذات أهمية وعنصر ذو أولوية في عصرنا الراهن لا يمكن تجاوزها، فمن جراء الفكر التكفيري نسمع كل يوم عمن يقتل أباه ونسمع عمن يقتل أمه وأخته من جراء ذلك الفكر الذي انغرس في عقول الشباب من خلال أعداء الدين ومستهدفي أمن الوطن وترابه، ومع كل أسف انتشرت حمى الإرهاب وتعود العالم على رؤية مشاهد العنف. إن الأفكار الدموية لدى الشباب نمت في مغارات مظلمة وربت وانتشرت في السواد الأعظم بين فئة من الشباب التي واجهت صعوبات الحياة المعاصرة فانجرفت خلف الأفكار الإرهابية، وإني لا أستثني الأسرة ولا أعفيها إذا انساق أحد أفرادها جراء الانجراف التكفيري للشباب، فالأسرة هي العمود الفقري وحجر الأساس لأبنائنا، كما تأتي في المرتبة الأولى والمسؤول الأول عن أبنائها وعن تنمية عقولهم عن طريق تحصين العقل بالقيم الإسلامية الصحيحة الخالية من التشدد. ومحاولة إبعاد أبنائهم بما يهدم الدين كالثقافات والأفكار غير الإسلامية، التي تزعزع فطرتهم، وتخلخل معتقداتهم، وكذلك غرس القيم الروحية والوطنية بعقولهم، فالأبناء جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش، وصورة قابلة لكل نقش وقابلة لكل ما يمال به إليه، فإن استغلت بالسوء من أصحاب الشر زادت الجريمة وأصبح مشهد بحر الدماء يتكرر كل يوم على حساب الأبرياء، وإن نفشت بالخير والفكر السليم رعت وأظلت ظلالها العالم أجمع، لذا كونوا حريصين مراقبين لأبنائكم حتى لا يقعوا تحت تأثير فكر متشدد يؤدي بهم وبمجتمعاتهم إلى حافة الهاوية. إن الأمن والحكومة بالمملكة العربية السعودية ليست المسؤولة بمفردها عن أمن الوطن، بل يتوجب على المواطن مساعدة الحكومة لكل عمل يهدد أمن المملكة، فأمن الوطن مسؤولية الجميع، فالدولة بقيادة مليكنا المفدى وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- هم حريصون كل الحرص على تأمين جميع احتياجات المواطن وساهرون على أمنه، فعلى كل مواطن تقدير العطاء، وتقديم كل ما يستطيع للحفاظ على مقدسات الوطن ومقدراته. إن خطورة ترك الزمام لتلك الأفكار التكفيرية التي تريد أن تضل الأمة عن سبيل الحق والاعتدال، لهو خطر لا ندرك عقباه، لذا كلنا مسؤولون، فنشر ثقافة الاعتدال والوسطية بين أفراد الأمة، وتوعية الآباء بخطر الانحراف الفكري على أولادهم، وكذلك مساهمة الإعلام والمدارس والجامعات بتنمية وتوعية شباب الوطن وتحذيرهم من الانجراف وراء اللعب بعقولهم واستغلالها، سيحد ويفوت الفرصة على من يريد لهذه البلاد بالسوء. إنني أثق في شبابنا وأثق ايضاً في الآباء والأبناء، وأعلم أنهم يعشقون الوطن ومقدراته، فلنعمل جميعاً على رفعة الوطن وإعلاء رايته، فالطريق قد رسمه الإسلام وحدد معالمه، وما هو مطالب من الآباء وضع أبنائهم على الطريق الصحيح. حفظ الله المملكة وشعبها.