نشاركهم لحظات فرحنا بالصورة والصوت، نجعلهم يرون التفاصيل وكأنهم معنا إن لم يكن شخصاً قريباً.. سيكون حينها شخصاً غريباً جمعتنا به المودة.. كل شيء في حياتنا يظهر لهم من خلف الشاشات، وحين نحزن نعتزل ولا نشتكي إلا لمن خلقنا، ونعود لهم بعد فرحتنا. لم نقارن حياتنا مع أحد، كنا نفرح مع من يفرح، ونحزن مع من يحزن، كان كل شيء بخير إلى أن قارنونا بهم.. حين فسروا أن عدم شكوانا وابتساماتنا الدائمة تعني أننا بخير مستمر، وقارنوا أيام حزنهم مع أيام فرحنا، أشغلتهم فرحتنا وأمرنا أكثر من أمورهم، نسوا أن الله قسّم الحزن والفرح على الخلق. نعلم أن كل ما يجري في هذا الكون إنما هو بتقدير من الله تعالى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولكن من حكمة الله تعالى أنه جعل للعين تأثيرا بإذن منه سبحانه، وقد دَّل على ذلك القرآن، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن أدلة القرآن: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ)، ومن أدلة السنة الحديث الذي رواه أحمد ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين). أي إنسان لديه قلب متعلق بأمور الدنيا أكثر من الآخرة أو بشكل متساوٍ يوجد بعينه (سم، سم) اسمه: المقارنة أو التمني. وصل التخلف الديني في بعض الأشخاص للحد الذي يجعله يحسد أماً على ابنها البار وكأنه شيء شاذ وليس واجباً! يحسد على جمال وكأن الشخص هو الذي خلق نفسه! على رزق أتاه من الله على لمة أهله وفرحته، على العافية وستر الحال! «ليتني أملك مثلما يملك»، «لديه حياة أفضل من حياتي»، «انظروا كيف هو في راحة دائمة وأنا مهموم»، «فلان لديه أموال كثيرة، منزل، سيارة، سافر، وظيفة، وإلى الآخر..». كل هذه الكلمات تتردد بشكل مستمر على مسامعنا وغيرها كثيراً، وكلنا نسمع ونرى، أو أن يقول أحدهم: «ما شاء الله» فقط ليخبرك أنه ذكر الله أمامك، إن ذكرك لله على ما عند غيرك ليسمعوك فقط لن يفعل شيئاً. عوِّد قلبك على القناعة والرضا. اذكر الله بكل فرح ليحمي الله ما لديهم ويبارك لهم فيه ليس ليسمعوك! عوِّد نفسك إذا رأيت ما يفز له قلبك أن تدعو لصاحبه بالبركة والتوفيق الدائم، وأن يهنيه الله، ويرزقك من رزقه. تذكر أن الأرزاق مقسومة بين العباد بالتساوي ولا يأخذ شخص نصيب شخص آخر، كل ما قسمه الله لك سوف تأخذه كاملاً بغير نقص. فقط علق قلبك بالله، واعبده ليرضى عليك، وتأكد حين يرضى عليك سوف يرضيك، وكلما ذهب منك شيء سيأتيك شيء أفضل. اخشَ على نفسك من دمعة شخص يتوجع لأنه خسر راحته وفرحته في ثانية؛ بسبب مقارنتك الدائمة، تشتت.. فقد لمة أهله.. فقد صحته ومرض.. ودع أحبته بفراق مؤبد. اخشَ على نفسك حين يتحسب عليك من قلبه مكسور، ويدعو أن تذوق من الدنيا مثلما ذاق.