يقول الرب في سورة النجم «أم للإنسان ما تمنى فلله الآخرة والأولى». بمعنى أن الإنسان في هذا العالم عليه أن يستوعب حقيقة أنه لن يصل لكل ما يرغب. كما أن علينا أن نستوعب أن الكثير من الرغبات حين نصل إليها نرى أننا نريد أكثر منها في عطش لا يعرف الارتواء. بل إننا حين نصل لبعض الأهداف التي نرسمها نفاجأ حين الوصول إليها بالخيبة والفرار منها فهي سراب بقيعة. فهذه حقائق وجودية ثلاث اختصرها القرآن بثلاث كلمات: أم للإنسان ما تمنى؟ كذلك في هذا العالم الذي نلجه بغير إرادة منا نغادره بغير إرادة منا. في المنظر الأول نصل ومن حولنا فرح ونغادر ومن حولنا ربما يبكي حزين. كذلك في هذا العالم الذي نشارك في صناعته نكتشف حقائق مذهلة مزلزلة أننا معرضون للمرض يضعضعنا. ونكتشف بذهول أننا في كل يوم نقترب من الموت يوما ونودع الحياة يوما. مثل أي مستودع وخزان يفرغ باستمرار. كما نكتشف برعب أن هذا العالم الذي نعيش فيه غير آمن بحال ولا نعرف متى تتفجر الأرض تحت أقدامنا بالبراكين والزلازل أو تمطر السماء علينا بالأوحال والمذنبات، بل وتتفجر المجتمعات بالكراهيات والحرب كما هي حال سوريا هذه الأيام. وفي النهاية نرى الألم والشيخوخة تطوقنا فلا فكاك منها ولا وزر. ومن يعمر ينكس في الخلق ولكن لا يعقل إلا القليل. كل العزاء إذن هو أن هناك عالما آخر وطبيعة مختلفة وخلق جديد ونشأة مستحدثة حيث فيها كل ما يتمنى الإنسان وليس كما جاءت الآية أم للإنسان ما تمنى؟ ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وفوقها الخلود فلا موت ولا مرض ولا شيخوخة ولا ألم ولا حزن. وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب. فلا ملل ولا ضجر ولا تعب ولا شقاء. إنها الحيوية كاملة. إنها عاقبة جيدة أليس كذلك؟ هذا ما يعد به الرحمن عباده بالغيب «إنه كان وعده مأتيا».