كنت في حديث مع أحد الأصدقاء عن الأغنية العربية الأصيلة كما يطلق عليها معاصروها، والفرق بينها وبين الأغنية الهابطة في هذا الوقت، ثم ذهبنا إلى أن بعضاً من الأغنيات القديمة ما زالت عالقة في الأذهان بينما تتلاشى الأغنية الحديثة قبل أن ينتهي موسمها الأول، ومثلاً على ذلك أغنية «تعلق قلبي طفلة عربية»، هنا استوقفتني الذاكرة عند نقطتين في هذه الأغنية تحديداً، الأولى نسبتها إلى امرئ القيس حيث لا يمكن أن تكون هذه الغنائية ضعيفة المستوى في قول بعض النقاد من قصائد قامة شعرية كبيرة وما ذلك إلا افتراء عليه مثله كمثل الافتراء على الأصمعي بقصيدة صوت صفير البلبل، والنقطة الثانية شطرها الذي يقول: لها مقلة لو أنها نظرت بها، إلى راهب قد صام لله وصل، لأصبح مفتوناً مُعنّى بحبها، كأن لم يصم لله يوما ولم يصل، هنا بدأت أفتّش الذاكرة عن مثل هذا التوصيف، ولم أستغرق كثيراً حتى تذكرت قصيدة «ما هقيت أن البراقع يفتنني»، التي جاء فيها «ما تركني هاجسي لو بالصلاة»، وقصيدة قف بالطواف، وقصيدة أراك طروباً، فعلى الرغم من اختلاف أزمنتها ومكوّنات عهدها الثقافي إلا أنها تشترك في المعنى، حيث يراد في الرمزية أن حب المرأة وحسنها قد يصل بالمرء إلى ضياع دينه!، هنا علمت بأن الصورة النمطية عن المرأة والخوف منها أو عليها في موروثنا ربما لم يكن لولا مثل هذا الترميز الفني وأن الموروث وتداعياته ليس حكراً على خطابٍ دون آخر كما كنت أخاف على ديني في الصغر من سارة التي كان يذكرها أحد أقاربي في بيت شعر شعبي «المطوّع لو يشوف خديد سارة، طبّق المصحف وعجّل بالصلاةِ» وفي راوية أخرى: خدود سارة.