فيما نسبت وكالات أنباءٍ إلى نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، تصريحاتٍ مفاجئةٍ تُظهِر «ليونةً» تجاه بشار الأسد؛ نفى شيمشك ذلك، وشدد على أن الأسد هو سبب المأساة في سوريا و»لا يمكن قبول حل يكون هو جزءً منه». ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المسؤول التركي الرفيع أن من «غير الواقع» أن تصرّ بلاده على حل النزاع السوري من دون الأسد، وذلك قبل بضعة أيامٍ من بدء مفاوضات آستانا الرامية إلى تعزيز وقف إطلاق النار الساري منذ نهاية ديسمبر الفائت مع خروقات. واعتبرت «فرانس برس» أن هذه التصريحات المفاجئة تعكس ليونةً في موقف أنقرة حيال رأس النظام في دمشق، على وقع تقاربٍ بين تركياوروسيا راعيتي الهدنة الحالية والمحادثات في عاصمة كازاخستان. ونسبت الوكالة إلى شيمشك قوله الجمعة خلال جلسةٍ مخصَّصةٍ لسوريا والعراق في المنتدى الاقتصادي الدولي في دافوس السويسرية «علينا أن نكون براغماتيين، واقعيين. الوضع تغير على الأرض بدرجة كبيرة. وتركيا لم يعد بوسعها أن تصر على تسوية من دون الأسد. هذا غير واقعي». وأقرّت أنقرة، أحد داعمي المعارضة السورية، أن الأسد طرفٌ في المفاوضات بشأن سوريا. لكنها «المرة الأولى التي يقول فيها مسؤول تركي كبير صراحةً إنه سيكون من غير الواقعي الإصرار على المطالبة برحيل الأسد»، حسبما لاحظت «فرانس برس».كان المتحدث باسم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال الأسبوع الماضي إن أنقرة ما زالت تعتقد أن عودة السلام إلى سوريا وتوحدها بات مستحيلاً في وجود رأس النظام» لكنها تريد أن تتقدم خطوة بخطوة مع انتظار نتيجة محادثات السلام في آستانة». ولاحقاً؛ نفى نائب رئيس الوزراء التركي، عبر مكتبه، ما نسُبَ إليه، معتبراً أن وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء أخرجت حديثه عن سياقه. واتهم مكتب شيمشك، في بيانٍ، الوكالة الروسية بأنها «عمِلت على خلق تصور عبر إخراج حديث نائب رئيس الوزراء عن سياقه الزعم أنه قال إن تركيا لم تعد تصر على اتفاق بدون الأسد». وشدد البيان «شيمشك لم يذكر بأي شكل من الأشكال ما ذكرته الوكالة، إن ما ذكرَتهُ يعكس رأيها الخاص». ووفقاً لمكتبه؛ ردَّ نائب رئيس الوزراء على سؤالٍ بشأن سوريا على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي بالقول إن «الأسد سبب المأساة في سوريا، ولا يمكن قبول حل يكون الأسد جزءً منه»، معتبراً خلال ندوةٍ بعنوان «إنهاء النزاع في سوريا والعراق» أن «الولاياتالمتحدة لم تقم بما يقع على عاتقها. وتمكنت روسيا وإيران من تغيير الوضع في الميدان». وشدد شيمشك، بحسب المكتب، على «ضرورة التركيز بعد الآن على الحفاظ على أرواح الناس عبر اتفاق وقف إطلاق النار». في غضون ذلك؛ أظهرت وثيقةٌ للحكومة الروسية أن موسكو ونظام الأسد وقَّعا اتفاقاً لتوسعة وتحديث قاعدة طرطوس البحرية الروسية في غرب سوريا. وأظهرت الوثيقة، حسبما أورد الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء «رويترز»، تضمُّن الاتفاق توسعة القاعدة، القائمة من قبل اندلاع الثورة ضد الأسد في مارس 2011، بحيث يمكنها استضافة 11 سفينة حربية روسية في نفس الوقت. وبدأت روسيا، في ال 30 من سبتمبر 2015، تدخلاً عسكرياً مازال قائماً في النزاع بين النظام وفصائل المعارضة المقاتِلة. وأدى ذلك إلى تغيُّراتٍ ميدانية، وأتاح لقوات الأسد والميليشيات الموالية لها المدعومة إيرانياً السيطرة، قبل نحو شهر، على مدينة حلب (شمال) بعد شنِّها هجوماً عنيفاً أعقبه اتفاق إجلاء برعايةٍ روسية تركية. وتوصلت أنقرةوموسكو إلى هدنةٍ موسَّعة في الأراضي السورية دخلت حيز التنفيذ في ال 30 من ديسمبر وتشهد خروقاتٍ لاسيما في منطقة وادي بردى قرب دمشق. وترعى العاصمتان مع طهران، الداعمة للأسد، مفاوضاتٍ بين النظام والمعارضة تنطلق الإثنين في آستانا سعياً لتثبيت وقف إطلاق النار. ورأى شيمشك، في تصريحاته في سويسرا، أنه لا بد أن تكون العاصمة الكازاخية «منطلقاً» لعملية تؤدي إلى إنهاء النزاع. وتذهب المعارضة إلى آستانا بوفدٍ عسكري، برئاسة محمد علوش، مدعومٍ سياسياً وقانونياً من الائتلاف السوري. وقال أسامة أبو زيد، وهو مستشار قانوني في المعارضة، إن فصيل «الجبهة الجنوبية»، المتركز في محافظة درعا، انضم إلى الوفد ممثَّلاً بعددٍ من الضباط. واعتبر ذلك «تأكيداً على وحدة الموقف» و«قطعاً للطريق على محاولة شق صف الثوار تحت أي بند». وكتب أبو زيد، على حسابه في موقع تويتر، أن هدف المؤتمر هو تثبيت وقف إطلاق النار ومراقبته وذلك بالتنسيق مع الهيئة العليا للمفاوضات، معتبراً أن تصريحات الأسد الأخيرة لقناة تليفزيونية يابانية عن «إمكانية بحث المصالحة» بينه والفصائل و«منحهم عفواً» تصريحاتٍ لا قيمة لها من نظام غير شرعي «فهو لا يملك إلا أن يصادق على ما يمليه عليه داعموه، التفاوض كان مباشرةً مع الروس وهو آخر من يعلم». وسيشارك أبو زيد في وفد المعارضة ضمن فريقٍ يضم إلى جانبه 6 أسماء ويقدم دعماً لممثلي الفصائل، وعددهم 8 برئاسة علوش المنتمي إلى فصيل «جيش الإسلام» المتركِّز في مناطق قريبة من دمشق. أما وفد النظام فيرأسه السفير لدى الأممالمتحدة، بشار الجعفري. وسبق لعلوش والجعفري أن رأسا وفدين للمعارضة والنظام في مفاوضاتٍ سابقة في جنيف السويسرية لم تفضِ إلى نتيجة. وسيشارك مبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا، ستافان دي ميستورا، في لقاء العاصمة الكازاخية، علماً أنه حدد ال 8 من فبراير المقبل موعداً لاستئناف مفاوضات جنيف. ميدانياً؛ ذكرت شبكة «شام» الإخبارية أن الاشتباكات تجددت الجمعة في منطقة وادي بردى «بعد محاولة حزب الله الإرهابي التقدم على جبهات بلدة عين الفيجة (التي تضم مصادر المياه الموجَّهة إلى العاصمة) ودير مقرن وسط غارات جوية من الطائرات الحربية والمروحية (للنظام) على نقاط الاشتباك ومنازل المدنيين». وأدت الاشتباكات، بحسب الشبكة، إلى مقتل شخصين أحدهما عضو في «الهيئة الطبية» وإصابة عددٍ من الأشخاص. يأتي ذلك بعد يوم من تأكيد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره في بريطانيا، التوصل إلى اتفاق هدنة في وادي بردى الذي تسيطر المعارضة عليه. وتحدث المرصد، أمس الأول أيضاً، عن بدء قوات الأسد والميليشيات الموالية لها محاصرة المنطقة عبر فصلها عن مناطق سيطرة المعارضة في القلمون. وفي محافظة حلب؛ قُتِلَ أكثر من 40 عنصراً من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) في غاراتٍ ليل أمس الأول بطائراتٍ لم تُحدَّد هويتها، حسبما أورد مرصد حقوق الإنسان. وأوضح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، أن «طائرات حربية لم يُعرَف ما إذا كانت روسية أو تابعة للتحالف الدولي (ضد داعش) استهدفت ليل الخميس معسكراً لجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) في جبل الشيخ سليمان في ريف حلب الغربي»، ما أسفر عن مقتل «أكثر من 40 عنصراً من الجبهة». ولاحظ عبدالرحمن أن «عدد القتلى مرشح للارتفاع بشكل كبير نتيجة سقوط عشرات الجرحى في صفوف الجبهة، بعضهم في حالات خطرة». وارتفعت بذلك حصيلة قتلى «فتح الشام» جرَّاء غاراتٍ استهدفت مقار لها في شمال سوريا الشهر الحالي إلى حوالي 100 عنصر «بينهم قياديون»، وفق المرصد. وأعلنت واشنطن الخميس عن مقتل القيادي في الجبهة محمد حبيب بوسعدون في «قصف جوي على موقع في إدلب قبل 3 أيام». والتحالف الدولي ضد «داعش»، الذي تقوده الولاياتالمتحدة، يستهدِفُ بضرباتٍ جوية الجبهةَ المُستهدَفةَ كذلك بغاراتٍ لروسيا والنظام. ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ نهاية ديسمبر؛ المجموعات المصنّفة إرهابية، وعلى رأسها «داعش»، أي أنه يسمح باستهدافها. وتقول موسكو ونظام الأسد إنه يستثني أيضاً «فتح الشام»، الأمر الذي تنفيه فصائل معارضة. وأفاد رامي عبدالرحمن بمقتل 3 من عناصر حركة «نور الدين الزنكي» في «القصف الجوي ذاته ليل الخميس». ورجَّح المتحدث باسم الحركة، عبدالسلام عبدالرزاق، أن تكون طائرات حربية روسية استهدفتها، مشيراً، في تغريدةٍ على «تويتر»، إلى أن القصف طال موقعاً لها في البداية ومن ثَم آخر ل «فتح الشام». وانفصلت «فتح الشام» عن تنظيم القاعدة الإرهابي قبل أشهر، وألغت اسمها السابق (جبهة النصرة)، لكنها لا تزال مصنَّفة، على ناطقٍ واسع، مجموعةً إرهابية. وتنفي فصائل معارِضة أن تكون الجبهة موجودةً في وادي بردى. على صعيدٍ آخر؛ قُتِلَ 5 جنود أتراك وأصيب 9 آخرون، إثر هجومٍ بسيارة مفخخة نفذه تنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة الباب (شمال سوريا). وأفادت وكالة «دوغان» التركية للأنباء بأن 5 جنود على الأقل قُتِلوا، وأصيب 9 آخرون بجروح وأُدخِلوا أحد المستشفيات. ويأتي هذا الهجوم فيما تحاول فصائل من المعارضة السورية المقاتلة السيطرة على الباب، التابعة إدارياً لمحافظة حلب، بدعمٍ من قواتٍ تركية. وبدأت أنقرة، في أواخر أغسطس الماضي، عملية «درع الفرات» في الشمال السوري لطرد «داعش» ومسلحين أكراد نحو الجنوب.