قبل عشرة أعوام تقريبا تحدثت عن فلسفة الجيب الثالث وأهمية هذا المصطلح في الاقتصاد والتنمية الشمولية، وقلت بأن الجيب الثالث نظرية قياس وتحقيق وتمكين تنص على أن «لدى كل شخص على هذا الكوكب مساحة تمكنه من تحقيق الأرباح لكنه لم يكتشفها أو لم يستطع تسويقها»، ومن أشكال الجيب الثالث مثلاً الوقت والسمع والبصر، وأشير هنا إلى أن هذه الخواص هي أهم مقدرات التنمية حسب هذه النظرية، كأن يكون هنالك مقابل مادي لقاء كل إعلان تجاري تشاهده العين أو تسمعه الأذن، خاصة تلك التي تبيع وتشتري في أعداد المستهدفين لتحقق أرباحاً طائلة، وكأن يكون هنالك مقابل لقاء الوقت الذي يمضيه الشخص منّا في استخدام تقنية أو أداة جعلت من أصحابها هم الأكثر ثروة على وجه الأرض دون أي بدلات للمستخدم أو تعويضات لوقته، فأخذ بعضهم حديثي ذلك على محمل الوهم أو المزاح وأن آخرين أعجبتهم الفكرة ولكن لم يستوعبوها لعدم وجود تطبيقات لها على أرض الواقع فعلياً، إلا أننا الآن على مشارف رؤية تلك النظرية على أرض الواقع حيث تعمل جهات تقنية ورواد فكر وأساتذة اقتصاد في جامعات عالمية على صياغة مبادئ تطبيق هذه النظرية أو مفاهيمها العامة. إن هذه النظرية ليست مجرد وسيلة لتحقيق موارد مالية للأفراد فحسب، بل هي وسيلة لقلب التحديات الاقتصادية إلى فرص تنموية يمكن تحقيقها على مستوى الفرد والمؤسسة والدولة ، أعجبني في وثيقة تحقيق التوازن الاقتصادي في السعودية جملة واحدة وردت في جدول الأمل «الحلول الجديدة والمبتكرة» لمواجهة الأثر السلبي الناتج عن أخطاء تم تعيينها في نفس الوثيقة لأعوام مضت ومنها عدم الكفاءة وضعف نظم الرقابة، فليت قومي بالجيب الثالث يعلمون.