«منيفة» هو حقل مغمور يقع في المياه السعودية شمال الجبيل على الخليج العربي، وهو خامس أكبر حقول النفط في العالم. ومن أقدمها في المملكة، وقد اكتُشفَ في عام 1957. وتصل مساحة هذا الحقل المكون من 6 مكامن، إلى حوالي 45 كيلومتراً طولاً، و18 كيلومتراً عرضاً. ويقع في المنطقة البحرية تحت مياه ضحلة يتراوح عمقها ما بين متر واحد و15 مترًا. وتؤدي منيفة دوراً مهماً مع تزايد عدد المشاريع العملاقة المصممة لتحقيق أقصى قدر من الاستفادة من موارد النفط والغاز في المملكة العربية السعودية، تماشيًا مع رؤية المملكة 2030 التي تؤكد أهمية تشجيع التنقيب عن الثروات الطبيعية والاستفادة منها. وتصل طاقة حقل منيفة الإنتاجية بعد تطويره إلى 900 ألف برميل من الزيت العربي الثقيل يومياً، وقد أعيد الإنتاج من هذا الحقل، في العاشر من إبريل لعام 2013م، بينما تم إنجازه وتشغيله في نهاية عام 2014م. ويشكل مشروع الإنتاج الجديد في منيفة أكبر مشروع من نوعه في صناعة النفط، وسيوفر اللقيم اللازم لمصفاتي التكرير المشتركة (شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيماويات – «ساتورب») في الجبيل، و(مصفاة شركة ينبع أرامكو سينوبيك للتكرير – «ياسرف») في ينبع، إضافة إلى مصفاة جازان عندما تصبح قيد التشغيل، ومصفاة «موتيفا»، (مصفاة أرامكو السعودية «موتيفا إنتربرايز»، وهو مشروع مشترك للتكرير والتسويق في مدينة هيوستن، بولاية تكساس الأمريكية، والمملوكة مناصفة بين أرامكو السعودية وشركة شل الأمريكية). أصبحت بئر منيفة التجريبية رقم «1» بئر الاكتشاف للحقل، وبدأت إنتاجها في العام 1964 بمرافق قادرة على إنتاج 125 ألف برميل في اليوم من النفط. ونظرًا لانخفاض الطلب على النفط الخام، فقد أوقف الإنتاج من حقل منيفة في العام 1984. ومع حلول العام 2005؛ حيث شهدت السوق العالمية ارتفاعاً في الطلب على النفط، وبالأخص النفط الخام العربي الثقيل، فقد أدى ذلك إلى معاودة تطوير هذا الحقل. وبدأت قصة تطوير حقل منيفة في العام 2006 عندما اتخذت شركة أرامكو السعودية قرارًا بزيادة طاقتها في إنتاج النفط، وفي عام 2008، غُرزت أول ركيزة لأطول جسور المشروع في قاع البحر، وأنشئت المرافق المؤقتة؛ حيث تم إنشاء 14 جسراً لتجنب إعاقة الدورة الحيوية للمياه البحرية في خليج منيفة. ومنذ ذلك الوقت تحول مشروع منيفة من رسم تصميمي أولي إلى ما يشبه المعجزة الهندسية في صناعة النفط والغاز، فقد اُعتبر مشروع منيفة إنجازًا فذًا من الأعمال اللوجستية والتخطيط والتنظيم. وقد استغرق العمل ما يزيد على سبعة أعوام من التصميم إلى التشغيل، وكان هذا الحقل شاهداً على مهارة وكفاءة الكوادر الهندسية والمهنية القائمة على تنفيذه. وقد أنجزت المرحلة الرئيسة الأولى من مراحل تطوير الحقل في إبريل 2013؛ حيث شملت إضافة 350 بئرًا جديدة تشكل إجمالي عدد الآبار المطلوبة، وتزامن ذلك مع بدء التشغيل التجريبي للحقل ومرافق المعالجة المركزية لإنتاج 500 ألف برميل يوميًا. وقد ركز المشروع على المحافظة على التزام الشركة بالجودة، واستهل الإنتاج قبل الموعد المحدد بثلاثة أشهر، وبتكاليف تقل عن الميزانية المحددة له. وقد استهلك المشروع أكثر من 4 ملايين ساعة من العمل الهندسي، وقوى عاملة بلغ حدها الأقصى أكثر من 21 ألف عامل، وإجمالي يزيد على 4 ملايين ساعة من العمل التصميمي. ويتضمن مشروع حقل منيفة بعد تطويره 27 جزيرة حفر صناعية متصلة بالشاطئ عبر جسر بحري وتفرعات بطول 41 كم، و13 منصة بحرية لإنتاج النفط وحقن المياه مع ما يلزمها من خطوط أنابيب وكابلات كهرباء واتصالات مغمورة. ومرافق لمعمل المعالجة المركزية تتضمن مرافق لفرز الغاز من الزيت ومرافق لمعالجة الغاز ومعملاً لحقن المياه ومحطات للإنتاج المزدوج. كما يتضمن شبكة إمدادات مياه لتلبية متطلبات حقن المياه من طبقة الوسيع الحاملة للماء في منطقة أبو حدرية وخطوط أنابيب لتجميع الزيت الخام وحقن المياه من المنصات البحرية والجسر البحري الذي يربط اليابسة بالجزر الاصطناعية ومواقع الحفر على اليابسة في منيفة ورأس تناقيب بالإضافة إلى شبكات خطوط أنابيب حقن المياه وخطوط أنابيب التوزيع التي تنقل الزيت الخام إلى ساحة الخزانات في الجعيمة وتنقل الغاز والمكثفات إلى معمل الغاز في الخرسانية لمزيد من المعالجة. واجه مشروع تطوير حقل منيفة التحدي الأكبر في العام 2008 عندما اندلعت ما بات يُعرف بالأزمة المالية العالمية؛ حيث واجه العالم انكماشًا اقتصاديًا أثر على صناعة النفط، لكن مثابرة أرامكو السعودية أدت إلى إنجاز المشروع والوصول به إلى مرحلة التشغيل في وقت قياسي بخلاف كل التوقعات، وكان ذلك إنجازًا لأرامكو السعودية ولجميع العاملين فيه. عند تطوير حقل منيفة، برز خيار إقامة جسر بحري كبديل لإنشاء 30 منصة بحرية كانت ستتطلب عملية تجريف واسعة للمنطقة وتؤثر كثيرًا على النظام البيئي فيها، وفي ذلك الوقت تم النظر في بدائل عن إقامة الجسر عند تصميمه. فالحقل يقع على اليابسة وفي المنطقة البحرية والطريقة التقليدية تقوم على حفر قنوات طويلة للوصول إلى المنطقة البحرية الأكثر عمقاً، وهو ما سيكون في هذه الحالة مكلفًا جدًا من الناحية المادية، وسيتسبب بآثار ضارة على البيئة. وتُعتبر البيئة الطبيعية في منيفة ذات توازن هش، وتحتوي على منطقة غنية بالشعاب المرجانية تقبع أسفل مياهها الضحلة وتوفر بيئة حاضنة عامرةً بالحياة البحرية. وخلصت الدراسات الهندسية إلى حل يقوم على إنشاء 14 جسرًا تربط ما بين اليابسة و27 جزيرة اصطناعية لضمان عدم التأثير على دورة مياه البحر الحيوية والحفاظ على البيئة الطبيعية. ويمتد أطول جسور المشروع مسافة 2.4 كيلومترًا، وشكل جزءًا من التحدي الذي تغلب عليه فريق إدارة مشروع منيفة وأرامكو السعودية. وقد تضمن مشروع الجسر البحري كثيراً من التحديات، إضافة إلى الخطر الإضافي المتمثل في وجود غاز كبريتيد الهيدروجين السام، مما تطلب إجراء دراسة متخصصة لتقييم المخاطر وإدارتها لضمان سلامة الموظفين والعاملين في هذه المنشآت. وتحتوي منيفة على شبكة واسعة من أجهزة رصد هذا الغاز تغطي حتى القوارب الموجودة في عرض البحر بعيدا عن الجسر البحري. وتُعتبر خطط السلامة في حالات الطوارئ التي أعدتها أرامكو السعودية لهذا الغاز تفصيلية ورائعة. فهناك غرفة تحكم ترصد سرعة الرياح وخريطة رقمية تميز مناطق غاز كبريتيد الهيدروجين المحتملة بدوائر حمراء. ولا يُسمح لغير الموظفين الأساسيين بالعمل في هذه المناطق في أي وقت. وتوجد خطط إخلاء تفصيلية قيد التطبيق، ويتم التدرب عليها جيدًا.