حقيقة مؤلمة لابد أن نعرفها ونستدركها قبل فوات الأوان ونضع الحلول السريعة لها في أسرع وقت ممكن، وتتمثل تلك الحقيقة في واقعنا الصحي المتدهور والمتردي نتيجة عدم توفير التمويل والدعم اللازم من أجل دعم المنظومة الصحية التي -مع الأسف- جُردت من الخبرات الطبية، بالإضافة إلى مشكلات العجز والشح المنظم في الموارد الطبية، وكذلك عدم وجود خطط استراتيجية واضحة ومطبقة لدور القطاع الصحي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، بالإضافة إلى انتشار الفساد والمحسوبية والبيئة الملوثة المملوءة بالأوبئة الضارة، حتى أصبح دور القطاع الصحي فارغاً من العلاج، وأصبح الدواء سلعة تحتكر لفئة معينة من الأشخاص، حتى انتشرت الأمراض وتوسعت وطغت على أجساد شعوبنا العربية والإسلامية من جراء الحروب والكوارث والدمار، الذي أصبح واضحاً للعيان، خاصة في الدول المنكوبة على أمرها كسوريا والعراق وليبيا ومصر، وأصبح الأمر يتطلب صياغة سريعة وعاجلة لترميم وعلاج ما تبقى من «أرواح» قد تعيش أو ربما فارقت الحياة في هذه اللحظة. وتشير إحصائية منظمة الصحة العالمية إلى أن السرطان هو أكثر الأمراض التي تسبب الموت على مستوى العالم، فهو المسؤول الوحيد عن عدد وفيات أكثر من أمراض الإيدز والسل والملاريا مجتمعة، وأنه سيتسبب في وفاة أكثر من 10 ملايين شخص سنوياً حول العالم، ووفقاً لمنظمات عالمية فقد تم تشخيص حوالي 13 مليون شخص أصيب بالسرطان في عام 2009، ومن المقدر أنه ستكون هناك 17 مليون حالة جديدة بحلول عام 2020. ومن خلال تفشي الأمراض والأوبئة ووصولها إلى أعلى المستويات البالغة الخطورة في عالمنا العربي والإسلامي، لابد أن تفرض مجتمعاتنا وتبذل الجهود الكافية لوضع حد لانتشار تلك الأمراض، فالوقاية خير دليل، وكما يقال «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، لذلك فإن تحقيق المكاسب الصحية في مجال الوقاية يتطلب منا أخذ الإجراءات الصائبة وكذلك وضع استراتيجيات وقائية كاملة من خلال بذل الجهود الكبيرة والمكثفة في سبيل تعزيز الخدمات الصحية وإبراز دور القطاع الصحي كوسيلة أساسية في توعية وإرشاد شعوبنا العربية والإسلامية من الأمراض المعدية والمزمنة.