- قد يكون للفراغ الذي عانى منه زوجك أثر كبير فيما حدث، دورك الآن منحه الثقة بنفسه، وأنه قادر بالفعل على ترك هذه المحادثات والبعد عن النت إلا فيما فيه فائدة، ومساعدته أن يشغل وقته بجدول تساعديه في تحضيره من قضاء حوائج البيت، لزيارات اجتماعية وصلة رحم، للتنزه مع مجموعة من الأصدقاء، وشجعيه إن كان لديه فائض في الوقت أن يكمل دراسته، أو يلتحق بدورة تطور وتنمي مواهبه، أو يلتحق بعمل إضافي، وكثير، فالأفكار لا تنتهي، أهم شيء ألا تنظري إليه نظرة ريبة وشك وعدم تصديق؛ فيفقد الثقة بنفسه وقدرته على التغيير. هذا بجانب تقوية الجانب الإيماني عندك وعنده بأن تقوما الليل سوياً ولو بركعتين بعد العشاء، تستمعان في السيارة أو عبر الذهاب لمسجد قريب لبعض المحاضرات الدينية، صوما سوياً الإثنين والخميس، واجتمعا على دعوات قبل الإفطار، اكفلا يتيماً وقوما معاً على رعايته وتولي شؤونه. - إن الكتَّاب والدعاة تحدثوا جميعا عن حق الأبناء على الآباء، لكنهم تحدثوا أكثر عن حق الآباء على الأبناء؛ نظرا لأن الفطرة البشرية تقرر أن حب الآباء لأبنائهم فطرة فيعطون الأبناء الحقوق وربما أكثر من الحقوق، وحين يقصر الأب في ذلك فإنه يخالف بذلك الفطرة التي فطر الله الناس عليها وربما تكون الرحمة قد نزعت من قلبه، ولذا: فنحن نخاطب هنا الآباء والأمهات أن انتبهوا، أعطوا أبناءكم حقوقهم من الحب والعطف والحنان والوقت والجهد، فهم ثمار قلوبكم وعماد طهوركم، وهم من ستبقى دعوتهم لكم –إذا كانوا صالحين- ذخرا لكم أمام الله يوم القيامة، وبعد الموت فلا تهملوهم؛ لأن إهمالكم لهم يعد عقوقا لهم وهو في الحقيقة إهمال لأنفسكم، وذنب كبير ستسألون عنه بين يدي الله تعالى حين يسأل كل راع عما استرعاه الله من رعية، فأعدوا للسؤال جوابا. وأوجه نصيحتي لكل أب: أتمنى أن تحرص على تربية أبنائك بالصورة التي نحكي لك عنها حين يمن الله عليك بذرية، وأن تكون خير أب لأبنائه في الإعانة لهم على البر والود، ورحم الله رجلا أعان ولده على بره، كما أتمنى من كل ابن يقرأ هذه الرسالة ولا يعاني مما يعاني صاحبها أن يحمد الله على ما منَّ به عليه، وأن يزيد من بره لأبيه. ثالثا: أيها الأخ الكريم: أقدر تماما ما تعانيه، وأقدر تماما تأثير ما عانيت عليك في حياتك، ولأنني -كما ذكرت في البداية- أريد أن أدفع لا أن أتوجع، أريد أن نكون جميعا أمام صدمات الحياة حديدا لا زجاجا؛ إذ إن الحديد تقويه الطرقات والصدمات، أما الزجاج فمع أول صدمة ينكسر وتهشمه الطرقات، فهيا معا نسلك خطوات عملية للدفع والقوة، وأسأل الله تبارك وتعالى أن تلتزم بها قدر استطاعتك، وأعدك بإذن الله بحياة جديدة رائعة وقوية تحياها إذا ما فعلت ذلك. - أنصحك بما يلي: خففي من النصح المباشر. قدمي لها شريطًا يتحدث عن الرفق، أو آفات اللسان، وبعد فترة أهديها شريطًا آخر عن تربية الأولاد، وهكذا بين الفينة والأخرى، أرسلي لها رسائل جوال متنوعة، ابدئيها بالفكاهة المباحة، والطرفة الجميلة، ثم أرسلي لها رسائل تذكرها بأن الدعاء على الأولاد يفسدهم، ولعلك ترسلين لها هذا الموقف: حيث جاءت امرأة لابن المبارك تشكو لديه عقوق ولدها، فسألها قائلاً: هل دعوت عليه؟ قالت: نعم، قال: أنت إذًا أفسدته!! أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم فتصادف ساعة استجابة)، وهذه الرسائل وغيرها تبدئينها بكلمات الحب لها والاحترام، وتنهينها بالسلام والتحية العاطرة. وقدمي لها هدية عبارة عن لوحة كتب فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) من دون أن تشعريها بشيء. ولا تكتفي بالتحذير من السباب والشتائم أو غيرها من الأساليب الخاطئة التي تسلكها أختك مع أولادها، ولكن ذكريها بالعواقب أيضًا، فإن النظر إلى العواقب يوقف الإنسان عن الإقدام على الخطأ في الغالب. وحدثيها عن النتائج الإيجابية للتربية القويمة، فقولي لها مثلاً: تخيلي يا أختي ولدك هذا وقد أصبح طبيبًا أو مهندسًا أو داعية مسددًا.. وتخيلي ابنتك هذه وقد غدت معلمة فاضلة.. أو مربية ناجحة. أقنعيها أنك يمكن أن تتغيري ولو بعد حين.. وأن أسلوب العنف هذا من السهولة أن يكون أسلوب رفق. كما ينبغي أن يكون لزوجك دور في التأثير على زوجها بالصحبة ولو بالمراسلة الأخوية والهادفة والتوجيهية من دون شعور بالفوقية. ولا تحرصي على احتكاك أولادك بأولادها كثيرًا، مع تنبيه أولادك على أن ليس كل ما يشاهدونه في الخارج سليم وصحيح، بغض النظر عما يشاهدونه عند خالتهم، بل أيقظي لديهم بصيرة العقل والدين والنقد؛ ليعلموا بها بعد الله تعالى الصحيح من الباطل. أعانك الله، وشكر الله لك غيرتك على أختك ومحبتك لها، وأسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد. - أولاً نبارك لك احترامك للصداقة والمحبة، ولكن أرى في نوعية صداقتك منحى لا يتناسب مع قيمنا وما يأمرنا به ربنا عز وجل، ففي ألفاظك بعض المصطلحات التي لا أدري كيف كتبتها، فهل في الكون إنسان أحب للنفس من الله عز وجل؟! معاذ الله- أو من النفس؟ فلا يوجد شخص بهذه الصفة، والمحبة الأولى لله -عز وجل- ثم لرسوله –صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين والصالحين من عباده. هذه قاعدة رئيسة، أو قيمة كبرى يجب أن تعمل بها إذا كنت من أبناء الإسلام. ثم أجدك -أخي الحبيب- تثقل على نفسك بهذا الحب الذي أثر على صحتك وعلى قيامك بأداء عبادتك، فأي حب هذا الذي تظلم به نفسك؟! ولكن أعذرك -أخي الحبيب- فأنت في سن لا تدرك المنظور الشمولي للسلوك والقواعد الكبرى للحياة، فاسترشد بمن يفيدك في ذلك. وارجع لمن يوجهك للموجهات الكبرى للعلاقة الإنسانية في الكون، فلها حدود لا يجب على أية علاقة تخطيها. ثم إني أراك لديك كثير من الفراغ لم تستثمره بالطرق السليمة، وهذا الذي أشكل عليك، ووجه تفكيرك لمثل هذا التفكير. فإذا كنت طالباً جامعياً فالمناشط الجامعية كثيرة ومتعددة. ومناشط المساجد كثيرة، والأندية والمراكز الشبابية والصحبة الصالحة كلها قد تعينك على القيام بأداء واجباتك الحياتية الرئيسة لدينك ثم أسرتك ثم صحبتك. أما أن تفكر بهذا التفكير فمن حبي لك أقول: لا أتفق معك على الإطلاق، فانهض بنفسك من الثرى للثريا، وادرس ما يفيدك على الحياة أكثر وأكثر، وأنصحك بالقراءة الفكرية وليست التخصصية؛ ففيها فوائد لإشغال ملكات التفكير، ونوِّع في القراءة لتملأ ذاكرتك بكثير من المعلومات، اجعل عقلك يشتغل بما يفيد؛ حتى لا يكون فارغاً لتتلقفه الأفكار السيئة. عليك أن تعطي نفسك اعتزازها بذاتها، وأن تسمو بها للأعلى، بدلاً من أن تهينها هكذا من أجل شخص ما.