أنا لا أخشى على المراهقين والبسطاء؛ إلا من كتابات وتغريدات الذين يسمون أنفسهم «باحثين شرعيين» أو من برامج القنوات التجارية التي تستضيف «المتعالمين» الذين يطلون عبر برامج ونشرات الأخبار ليدلوا بفتاوى حينما يريدون التهرب من تحمل مسؤوليتها يسمونها «آراء» قد تسهم في «تمييع» بعض القضايا الدينية، وتكرس عند من يسمعها من جيل الشباب المراهق، التساهل أحيانا في العمل، مخالفين أقوال أئمة العلم، وما هو موجود في أهم كتب علماء السنة الكبار، ظنا من هؤلاء المتعالمين أنهم يعملون «للوسطية» في الدين، رغم أن توجيه الشباب المسلم نحو فهم دينه (بعدالته، ووسطيته) بلا إفراط يؤدي إلى التشدد والغلو الممقوت، ولا تفريط يؤدي إلى التساهل والتغاضي إلى حد ترك الواجب، فجميعنا ضد «التشدد والتطرف، وضد التفريط» إن هذا الأسلوب في التعاطي مع قضايا دينية من قبل المتعالمين، قد يدخل أبناء المجتمع في جدل سرعان ما ينتقل إلى وسائل التواصل الاجتماعي في قضايا معظمها «معلوم من الدين بالضرورة» ويفترض ترك أمر الإفتاء فيها لأهل العلم من العلماء المعتبرين، وهم كثر ومعروفون ومقررون من قبل الدولة للإفتاء، وليس لكل من يدعي «البحث الشرعي ويدعي العلم» من الذين لا يتورعون في وصف من يخالف آراءهم «بالتشدد والإرهاب والإخونجية» ومما يتساهل فيه هؤلاء المتعالمون كقضية «الاختلاط في غير الأماكن العامة وتهوين مخاطره» . رغم أن إحصاءات هيئات الأمر بالمعروف تعج بعشرات القصص للقبض على خلوات نتيجة للتساهل في الاختلاط الذي يفضي إلى خلوات، وبالأمس شاهدنا إحدى شركات السيارات بإحدى محافظات بلادنا نتيجة للخوض في قضية الاختلاط، كيف استغلت ذلك الجدل لتوظف سيدات بكامل زينتهن لتسويق السيارات في مكان جل حضوره من الرجال والشباب!! قضية أخرى «تحليل الغناء» حتى إن بعضهم صرح على شاشة وسيلة إعلامية معروفة، بأنه لا يمانع إذا ما قدمت له دعوة لحضور حفلة غناء فسيحضرها وقد يصطحب زوجته معه، مع أن هناك نصوصا دينية تحرم «الغناء والمعازف» ثم قد يخرج من حلّل الغناء غدا ويدعو إلى «تدريس الموسيقى بالمدارس» ويدخل المجتمع في قضية جدلية لا طائل منها، كذلك التساهل في قضية «الحجاب» وإذا كنا نؤمن بالاختلاف على قضية «كشف الوجه أو ستره» لاختلاف المذاهب في ذلك، إلا أن هؤلاء لا يتحدثون عن تجاوزات الحجاب إلى حالة من «التبرج العام» الذي بدأنا نلحظ انتشاره في «المولات» وكان هذا نتيجة للتساهل في قضية الحديث عن الحجاب و«الحشمة» التي يتساءل بعضهم عن معناها تهكما كلما استحضرأحد ذكرها عند مناقشة قضية الحجاب، والحشمة يقصد بها الحياء والتأدب وهما صفتان تميزان أنوثة المرأة؟! هذه النوعية من الكتابات والتغريدات لهؤلاء الكتبة، أو الذين يقولون إنهم باحثون شرعيون، وتلك البرامج التي تتناول القضايا الدينية عبر استضافتها غير المختصين من «المتعالمين» باستمرار، قد تسهم في «تمييع فهم الدين والتدين» عند فئة الشباب، وتكثر تساؤلاتهم وتخبطاتهم نتيجة للازدواجية بين ما يتعلمونه ويسمعونه من علماء البلاد من هيئة كبار العلماء، ومن الدعاة المعتبرين، وبين ما يسمعونه ويقرأونه عند «المتعالمين» حتى يصل ببعض الشباب إلى التطاول على العلماء الكبار اعتقادا منهم أنهم متشددون، فنكون في المجتمع «لا حققنا الوسطية المنشودة والاعتدال عند الشباب، وأضعناهم بهذا التناقض والازدواجية حتى تساهلوا في كثير من أمور دينهم التي ميعت «فيصدق على حالنا القول» لا أرض قطع، ولا ظهرا أبقى». وهذا يعني أنهم سيعيشون «حالة إرباك» في فهم دينهم، ويجب أن نعي أن أي شاب وشابة، إذا ما علم حقيقة دينه العظيم، وتلقاه بطريقة صحيحة، فإنه سيكون عصمة له من الوقوع في «براثن الانحلال الخلقي» وسلامة له من الوقوع فريسة في حضن «الإرهاب». لهذا أقول للكتبة، ومعدي تلك البرامج (ديننا واضح في الكتاب والسنة، ولدينا علماء معتبرون في هذه البلاد وضعوا من قبل الدولة للعودة إليهم في كثير من القضايا والفتيا، فلا تدخلوا الشباب والمراهقين في حالة إرباك من دينهم).